ظاهرة زواج الطلبة خلال الدراسة الجامعية.. ما بين مؤيد ومعارض
اخبار اسبانيا بالعربي / ظاهرة الزواج خلال الدراسة الجامعية لا تزال ما بين مؤيد ومعارض، وتحمل الكثير من التساؤلات والمخاوف، ومنها كانت تجارب واقعية إيجابية ومنها سلبية، إضافة إلى وجود دوافع وأسباب لهذا الزواج.
كثير من الطلاب والطالبات اختاروا تحمل هذه المسؤولية والجمع ما بين الزواج والدراسة وحتى العمل، وكانت تجربتهم ناجحة، ومنهم من شعر بالهزيمة ولم يستطع التوفيق بين الزواج ومتطلباته ودراسته والمصاريف والأعباء الأسرية والعلمية واكتشفوا أنهم أخفقوا وتسرعوا باتخاذ القرار. بعض القصص التي اختارت الزواج أثناء الدراسة فماذا قالوا عن تجاربهم؟
لا شيء يقف في وجه حبهما
الشاب مصطفى معاوية وزوجته لينا تعرفا على بعضهما في روسيا البيضاء بالرغم من اختلاف اختصاصهما، فهو يدرس الطب وهي تتخصص في إدارة الأعمال، ووقعا في الحب من أول نظرة، ووجدا أن لا شيء يقف بوجه حبهما، واتفقا على إكمال المسيرة معا بالزواج.
وتوقعا أنهما سيحظيان بالاستقرار من كل النواحي سواء من الناحية العاطفية وحتى الدراسية، فتعاونا معا للتفرغ للدراسة في المنزل معا، كما أنهما سعيا لكسب المال من خلال إيجاد عمل على مواقع التواصل الاجتماعي ليخففا الأعباء عن الأهل ويتحملا جزءا من المسؤولية، كما شعرا بأنهما اكتسبا الكثير من الوعي والحكمة في الحياة بسن مبكرة.
وبعد عام من الزواج لم يشعرا بتاتا بالندم أو كثرة الضغوطات أو عدم الاستمتاع بالحياة الجامعية أو حتى الحياة الزوجية، بالعكس فهما سعيدين جدا بأنهما استعجلا وأقدما على هذه الخطوة بدون تردد وبحماس وصدق، وهما يشجعان أي ثنائي يخطط للزواج، فكل ما يتطلب الأمر دعم الأهل وتفهمهم ووقوفهم إلى جانب أولادهم في هذه المرحلة، حسب قولهما
ويؤكد مصطفى أنه يجب على الطرفين أن يضعا خطوطا عريضة قبل الزواج، وتوزيع المهام بينهما، ليضمنا تحمل المسؤولية معا. كما أن عامل التفاهم ضروري جدا لإكمال المشوار بنجاح وثبات.
تجربة محفوفة بالمخاطر
أما الشاب عمر الملا فكان له رأي مخالف، حيث يقول “إنها تجربة محفوفة بالخطر وإذا وقع الزوجان فيها فما عليهما إلا الصبر، خصوصا إذا لم يكن لديهما دخل ثابت ويعتمدان على ما يأتيهما من أسرة الزوج، وهنا تظهر أهمية اختيار الزوجة المناسبة التي تتفهم ظروف زوجها، وقد سمعت العديد من القصص التي فشلت ولم يستمر الزواج، وسرعان ما حدث الطلاق بسبب كثرة المصاريف والمتطلبات وعدم الشعور بالراحة والاستقرار النفسي”.
ويعارض الملا فكرة الزواج أثناء الدراسة كونها تؤثر سلبا على استقرار العلاقة الزوجية وعلى التحصيل الدراسي، فضيق الوقت وكثرة المسؤوليات على كلا الزوجين كون أن أحدهما (أو كليهما) ما يزال طالبا على مقاعد الدراسة تجعل من الصعب التوفيق بين الأمرين. ولا يمكن نسيان الأعباء المادية التي تقع على عاتقهما فتزيد من المشاكل والهموم، حسب قوله.
ندمتْ بسبب قبولها الزواج
كما التقت طالبة شابة (ياسمين.ط – اسم مستعار) لتتحدث عن تجربتها التي عانت منها وفقدت كل معاني الاستقرار العاطفي والنفسي وحتى الجسدي.
وتتذكر الشابة ياسمين كيف عاشت تجربتها خلال الدراسة الجامعية وكيف تسرعت باتخاذ قرار الزواج من الطالب (طليقها) الذي اعتقدت أنها أحبته وأرادت الارتباط به، فعارضت الأهل ولم تستمع لكل النصائح معتبرة أن لا شيء يجب أن يقف في وجه حبهما، وكانت على ثقة تامة باتخاذ هذا القرار.
وتتابع ياسمين -بحسرة وندم- أنها كانت صغيرة جدا ومشاعرها تغلبت عليها لدرجة أنها لم تكتشف حقيقة زوجها وشخصيته وردود أفعاله وعلاقاته إلا بعد أشهر من الزواج، وتفاجأت كم كانت مغمضة العينين وواثقة منه بكل أسف.
وتعتبر ياسمين أنها تعلمت كثيرا من هذه التجربة، وأنه يجب التريث قبل اتخاذ أي قرار جدي في الحياة ومن المفضل إنهاء الدراسة الجامعية بهدوء ومن بعدها التفكير بالارتباط بالشخص المناسب وفي التوقيت المناسب أيضا، لأن جو الأسرة والالتزامات المنزلية والمسؤوليات الكبيرة التي تقع على عاتق أحد من الزوجين وليس لديه الخبرة الحياتية بعد؛ تجعله يواجه الكثير من الصعوبات ويفقد التركيز لإكمال دراسته.
الموازنة صعبة جدا
كذلك الشاب حسين زعيتر لا يوافق بتاتا على فكرة الارتباط أثناء الدراسة، معتبرا أن زواج الشاب خلال دراسته من فتاة ما تزال تكمل مسيرتها الدراسية خطأ كبير يجر على الطرفين ويلات كبيرة وعواقب وخيمة لا يدركا نتائجها إلا مع مرور الوقت، فقد تخسر الزوجة الطالبة زوجها بسبب انشغالها عن متطلباته واحتياجاته بالدراسة مما يسبب المشاكل بينهما.
وفي نفس الوقت قد تهمل الزوجة دراستها بحكم انشغالها بزوجها ومطالبه مما يؤثر على مشوارها الدراسي؛ فالموازنة بين الأمرين صعبة جدا، وبرأيي أن الشاب هذه الأيام أصبح يبحث عن الفتاة المؤهلة أو الموظفة لتكون ناضجة أكثر وعلى وعي بمتطلبات زوجهاومنزلها كي تخفف عنه عبء الحياة المادية هذه الأيام، كما يقول .
الزواج أثناء الدراسة.. إيجابيات وسلبيات
ويعتبر خبير العلاقات الأسرية رشيد الحلو أن للزواج في فترة الدراسة الجامعية آثاره السلبية على دراسة الطالب أو الطالبة والتي قد تنشغل عن دراستها برعاية الأطفال أو الاهتمام بشؤون الزوج. ويتفق أغلب أولياء الأمر على رفضهم لهذا الزواج، إلا أن بعض الطلبة لا يزالون يقدمون على هذه الخطوة.
ويوضح الحلو أن أكبر سلبيات الزواج بالنسبة للرجل تتمثل في الأعباء المادية التي قد تكون قاسية جدا، وأيضا الأعباء الواقعة على الزوجة من حيث أعمال المنزل وارتباطات الدراسة.
ومن ناحية أخرى، هذا الزواج له إيجابيات أيضا؛ منها تحقيق الاستقرار النفسي لكل من الطرفين، ولن تكون الدراسة عائقا أمام الزواج، بل إذا تزوج الشاب هدأت نفسه، ووجد من تساعده، وتحقق له الاستقرار النفسي والعاطفي، وتشجعه على الاهتمام بالانتهاء من الدراسة في الوقت المحدد دون الانشغال بجوانب أخرى.
وشدد الحلو على أهمية تأهيل الشباب قبل دخولهم الحياة الزوجية، مشيرا إلى أن الخلافات بين الزوجين في بداية الحياة الزوجية أمر طبيعي، ولكن يحتاج الأمر إلى معالجة وعدم تركه يتفاقم حتى لا يصعب حل الخلاف.
وينصح الحلو بأنه يمكن الارتباط من خلال الخطوبة فقط أثناء الدراسة والزواج بعد الدراسة، كما يجب اختيار الوقت المناسب لاتخاذ قرار الزواج بحيث تتوفر عوامل النضج التعليمي والفكري والمالي.
المصدر: الجزيرة / إسبانيا بالعربي