فضيحة مدوية تهز الحكومة الإسبانية: قيادة الحزب الاشتراكي تحصل على مدفوعات من الشركات بقيمة 620 ألف يورو
تقرير الوحدة المركزية للعمليات (UCO) المقدم إلى القاضي في المحكمة العليا ليوبولدو بوينتي يحلل ثمانية ملفات سجلها المشتبه به كولدو غارثيا بين عامي 2019 و2023. من خلال هذه المقاطع الصوتية، سجل المستشار السابق للوزير خوسيه لويس أبالوس محادثاته مع الأخير وكذلك مع الأمين الحالي للتنظيم في حزب العمال الاشتراكي الإسباني (PSOE)، سانتوس ثيردان. وتؤكد الشرطة الإسبانية أن “هذه المحادثات كانت تدور دائما حول المطالبة بمبلغ المال المستحق: أبالوس، وبالتبعية كولدو، كانا يخلقان الديون مع شركة أكسيونا بسبب منافسات مزعومة احتيالية، بينما كان سانتوس يتولى إدارة المبلغ والمدفوعات”. ويزيد ذلك من متاعب الحزب الاشتراكي والحكومة وخاصة رئيسها بيدرو سانتشيث الذي يتابع القضاء زوجته وشقيقه وأقرب مقربيه بتهم الفساد.
حصص وفساد مقابل صفقات
ووفقا للمحضر الشرطي الذي اطلع عليه موقع “إل موندو”، فإن هذه الإجراءات “كانت تسمح بالتلاعب بعمليات التعاقد”، حيث كان كولدو يعتمد على رئيسة شركة أديف السابقة إيزابيل باردو دي فيرا، والمدير العام للطرق خافيير هيريرو، كلٌ في مجال اختصاصه.
وتؤكد الوحدة المركزية للعمليات ضد الفساد أن “الأمر الجدير بالملاحظة” هو أن “المناقصات لم تكن تُحدد فقط من قبل كولدو وأبالوس، بل كانت تتطلب معرفة مسبقة من سانتوس وهو اليد اليمنى ورجل ثقة رئيس الحكومة سانتشيث”. ويذكر التقرير أن “هذا الجانب يصبح حاسما لتوضيح الوقائع قيد التحقيق، حيث كانت بعض المناقصات تحددها إدارة وزارة النقل – دون أن تمتلك سلطة منح العقود والصفقات المباشرة -، مع علم سانتوس المزعوم، الذي لم يكن جزءًا من الوزارة ولا حتى من الحكومة”.
التلاعب مع شركات كبرى
وفي حالة التلاعب مع شركة أكسيونا على سبيل المثال، “فإن المقابل المالي الناتج عن الشركة، والذي تلقياه أبالوس وكولدو، وأداره سانتوس، بلغ 620 ألف يورو، على الرغم أنه وفقا لكولدو، لا يزال هناك 450 ألف يورو معلقة للدفع”.
ويُظهر المحضر الدور الحاسم تماما للرجل الثالث في حزب PSOE الحالي داخل شبكة الفساد. وتؤكد الوحدة المركزية للعمليات بعد أشهر من تحليل الأجهزة الإلكترونية المضبوطة من المستشار السابق لوزير النقل السابق أن “كولدو تمت ترقيته بمبادرة من سانتوس ليصبح الموجه لأبالوس ثم مستشاره الشخصي. وكان هذا التعيين بمثابة قناة لنفوذ سانتوس نفسه على أبالوس من خلال كولدو”.
بعد تحليل محضر الوحدة المركزية للعمليات ضد الفساد، أمر قاضي التحقيق في المحكمة العليا يوم الاثنين الماضي بعملية لمكافحة الفساد على نطاق واسع في عدة مقاطعات إسبانية. واليوم، عرض القاضي على سانتوس ثيردان إمكانية الإدلاء بشهادته طواعية بتهمتي التنظيم الإجرامي والرشوة، وهما نفس التهم المنسوبة بالفعل إلى أبالوس وكولدو.
تطبيقات المراسلة الفورية
يتتبع التقرير المراحل المختلفة للعلاقة بين كولدو غارثيا وسانتوس ثيردان، ويبرز أنه في مرحلة لاحقة اتفق الاثنان على التواصل عبر تطبيق “سيغنال” للمراسلة، الذي يتميز بأمان عالٍ لمنع اعتراض الرسائل. ويستند هذا إلى أحد التسجيلات المضبوطة من المستشار السابق.
“يمكن ملاحظة التطور في استخدام إجراءات الأمان من قبل الأشخاص الرئيسيين المتورطين. فبعد أن كانوا لا يولون أهمية كبيرة لهذه الإجراءات ويتحدثون علانية عن ظروف تتعلق بأشغال البناء خلال فترة نافارا، تحول كولدو وسانتوس إلى مناقشة بعض الأمور عبر تطبيق المراسلة الفورية سيغنال، الذي يتميز بخصوصية الاتصالات”.
ويرى متابعون أن هذه الفضيحة قد تعجل بسقوط الحكومة الائتلافية بين الحزب الاشتراكي وحزب سومار، خاصة مع توالي الفضائح وقضايا الفساد التي تمس حتى زوجة رئيس الحكومة التي لا يزال القضاء يتابعها بتهم استغلال النفوذ والتربح غير المشروع.
تزوير الانتخابات
كشفت الوحدة المركزية للعمليات في الحرس المدني (UCO) عن دليل تزوير الانتخابات التمهيدية التي فاز بها بيدرو سانشيز في حزب PSOE، حيث ورد في التسجيلات: “أدخل ورقتَي الاقتراع… تم الأمر”.
في تقرير UCO المكون من 490 صفحة، والذي حصلت عليه “ليبرتاد ديجيتال”، أشار الضباط إلى أنه “من خلال التسجيلات الصوتية المختلفة، يُلاحظ كيف قام كولدو مع أبالوس بإجراء مراجعة للمبالغ المالية المستحقة لهما، مع ربط هذه المبالغ بعقود محددة تم تحديدها. بعد ذلك، يتوجه كولدو إلى سانتوس لمناقشة المبالغ المستحقة، حيث يبدو أن سانتوس نفسه هو المسؤول عن إدارة هذه المدفوعات المزعومة”.
وأضاف التقرير:
“تتمحور التحقيقات بشكل أساسي حول دور كولدو في مناقصات الأشغال العامة، حيث تشكل مشاركته المزعومة المحور الرئيسي للتحقيقات الواردة في هذا التقرير”.
تزوير الانتخابات التمهيدية لـ PSOE: “أدخل ورقتَي الاقتراع”
كما تناولت UCO تزوير الانتخابات التمهيدية التي فاز بها بيدرو سانشيز في حزب PSOE، مشيرة إلى أن:
“سانتوس ثيردان، العضو الحالي في مجلس النواب عن منطقة نافارا منذ 2019، والأمين التنظيمي لـ PSOE منذ يوليو 2021، كان نائبا في برلمان نافارا عن حزب PSN بين 2014 و2017. وفي يونيو 2017، قبل ثلاثة أشهر فقط من استقالته، تم تعيينه أمينا للتنسيق الإقليمي لـ PSOE، واستمر في هذا المنصب حتى تعيينه أمينًا للتنظيم في 2021”.
وأضاف التقرير:
“من خلال تحليل المراسلات بين كولدو وسانتوس، التي يعود تاريخها إلى عام 2013 على الأقل، يتضح وجود علاقة قائمة على التبعية بينهما، حيث كان سانتوس يعهد إلى كولدو بمهام متنوعة، بعضها يعكس ثقة كبيرة. ومن أبرز الأدلة، تم العثور على محادثة بتاريخ 13 يوليو 2014، أثناء الانتخابات التمهيدية لاختيار الأمين العام الجديد لـ PSOE، حيث أعطى سانتوس التعليمات التالية لكولدو:”
📞 سانتوس ثيردان:
“عندما ينتهي التصويت، سجل أن هذين الشخصين قد صوتا دون أن يراك أحد، ثم أدخل ورقتَي الاقتراع”.
📞 كولدو:
“تم الأمر”.
صعود كولدو مع صعود سانتوس
بعد تعيين سانتوس أمينا للتنسيق الإقليمي لـ PSOE (18 يونيو 2017)، هنأه ميجيل (مستشار فران) عبر كولدو (19 يونيو 2017)، قائلا:
“ستضطر للعمل والسفر كثيرا، لأن التنسيق الإقليمي يعني بالتأكيد أنك ستكون مشغولًا طوال الوقت”.
ويستنتج التقرير أن مسار كولدو المهني كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بسانتوس، مما يجعله أحد أقرب المقربين منه.
المصدر: إسبانيا بالعربي