من عبق التاريخ

كيف سقطت غرناطة؟ هكذا كانت آخر أيام المسلمين في المدينة

تقع مدينة غرناطة في جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية في سفح جبال سييرا نيفادا، بين نهري دارو موناتشيل، وتبعد حوالي 60 كيلومترا عن البحر الأبيض المتوسط. وتعتبر من أكثر مدن الأندلس الشرقية إثارة، فهي تحوي معالم معمارية بالغة الجمال تعود إلى عصر النهضة.

ومن أهم ما تزخر به المدينة من آثار قصر الحمراء الذي بني في عهد محمد الأول بن يوسف بن نصر “الأحمر”، حيث يعود تاريخ تشييده إلى ما بين القرن الثالث عشر والرابع عشر للميلاد، ويحتل القصر المرتبة الأولى في المعالم السياحية بإسبانيا، إذ يعد من أكثر المواقع السياحية جذبا للسياح ليس في غرناطة فحسب، وإنما في الأندلس بأكملها..    

كان يطلق  على مدينة غرناطة اسم البيرا، ثم تغير اسمها إلى مدينة غرناطة بعد فتح المسلمين الأمويين للأندلس.

أصل كلمة غرناطة

غرناطة أو إغرناطة هو اسم مشتق من الأصل اللاتيني Granatum وتعني الرمانة، وهي فاكهة محلية متوفرة بكثرة في المنطقة.

سميت كذلك لجمالها، ولكثرة حدائق الرمان التي تحيط بها، وقيل إنها سميت كذلك لأنها أنشئت على البقعة التي زرع فيها الرمان لأول مرة عند نقله من إفريقيا إليها، وقيل أيضا إنها سميت كذلك لأنها بموقعها وانقسامها على التلين تشبه بمنازلها الرمانة المشقوقة.

كيف سقطت غرناطة

سقوط غرناطة 897هـ / 1492م

تعد غرناطة آخر معاقل المسلمين في أوروبا، وتحديدا في الأندلس، وبسقوطها انتهى حكم العرب المسلمين الذي دام ثمانية قرون، فهي آخر ولاية بقيت من الأندلس في العصور الوسطى.

كان سقوطها في 2 ربيع الأول عام 897هـ الموافق 2 من يناير/ كانون الثاني من عام 1492م بعد أن استسلمت وسلمت باتفاقية وقعها آخر ملوكها، أبو عبد الله الصغير، مع كل من الملك، فيرديناندو والملكة إيزابيلا من الطائفة الكاثوليكية.

ودامت المعارك بين الطرفين من 1482 إلى 1492. واستمرت حرب غرناطة إذن عشر سنوات لم تكن متواصلة، بل كانت سلسلة من الحملات الموسمية تنطلق مع قدوم الربيع و سرعان ما تتوقف عند قدوم فصل الشتاء.

الأيام الأخيرة لغرناطة الإسلامية

إن أحد أسباب أضعف غرناطة وتقهقرها هو حربها الأهلية، ففي الوقت الذي كانت تتخبط في نزاعات داخلية، كان المسيحيون يعيشون عصر القوة من خلال اتحادهم.

وجاء السقوط بعد حروب شنها الصليبيون على دويلات المسلمين في الأندلس طوال أربعة قرون، إذ عرفت تلك الحروب الصليبية بـحروب الاسترداد، حيث قام الأمير محمد الثاني عشر، أمير غرناطة أبو عبدالله الصغير بتسليم إمارة غرناطة ومدينة غرناطة وقصر الحمراء إلى الإسبان وما زال مجلس مدينة غرناطة، وحتى بعض أنصار اليمين المتطرف، يحتفلون في ذلك التاريخ من كل سنة بتلك المناسبة.

غرناطة تتهاوى

حاصر الصليبيون مدينة غرناطة بحرا وبرا ورابطت السفن الإسبانية في مضيق جبل طارق ولم يكن ممكنا مد يد العون لغرناطة من طرف إفريقيا التي سقطت في أيدي البرتغاليين، فضلا عن ضعف إمارات المغرب وتفككها. وقد فتك الجوع بالمحاصرين داخل غرناطة ودب اليأس إلى قلوب الجند والعامة.

وأوصد المسلمون أبواب غرناطة واحتموا بأسوارها وهم يرون شبح النهاية يطاردهم.

حملة التنصير

انطلقت في عهد ملكة قشتالة إيزابيلا الأولى حملة تنصير شرسة، حولت المساجد إلى كنائس، وغيرت شكل المدينة وأزيلت معالمها الإسلامية.

الحرب مشروع مشترك

كانت الحرب مشروعا مشتركا بين مملكة إيزابيلا الأولى، ومملكة فيرديناندو الثاني، ملك أراغون، اللتين تم توحيدهما في مملكة إسبانيا بعد جيلين بواسطة الورثة جوانا القشتالية وشارل الخامس، حيث اجتمعت قوات المملكتين ضد إمارة غرناطة التي كانت تحت حكم النصريين والتي انتهت بهزيمة المسلمين وإلحاقها بمملكة قشتالة. وانتهى بذلك التواجد الإسلامي في الأندلس الذي دام أزيد من ثمانية قرون في شبه الجزيرة الأيبيرية.

الاستخدام الموسع للمدافع في تلك الحرب الطاحنة كان له الدور البارز في إنهاء الحرب لصالح قشتالة وأراغون.

لقد تم حصار عدد من المدن، ولم يتسن للمسلمين صد تلك الهجمات المتتالية بالمدافع لأنهم كانوا يفتقدون لتلك المعدات الحربية حينها.

ليس هذا فقط، لقد قام القشتاليون بتوظيف عدد كبير من الرجال من أجل القيام بمهمة تدمير المحاصيل، ونهب الأرياف وهي خطة لإضعاف المسلمين من الداخل حتى يدب اليأس والجوع في المدينة.

أسباب سقوط غرناطة

تعرضت الأندلس إلى  فترات عصيبة، وهو ضعف وانحدار جعل مدنها تنهار الواحدة تلو الأخرى. فبعد أن دب الضعف أوصال دولة الإسلام في الأندلس، راح القشتاليون يتربصون بها، فلم يكد ينتصف القرن السابع الهجري حتى كانت ولاية الأندلس الشرقية والوسطى في قبضة النصارى القشتاليين.

وأصبحت حواضر الأندلس الكبرى في قبضتهم، حيث سقطت قرطبة وفالنسيا، وإشبيلية وبطليوس، وهي كلها حواضر كانت تموج علما وثقافة وحضارة أثناء تواجد المسلمين.

تسليم مفاتيح غرناطة

امتطى أبو عبد الله الصغير فرسه في يوم بارد من أيام يناير/ كانون الثاني 1492 م رفقة بعض من أهله، متجها إلى منفاه، تاركا أهل غرناطة المسلمين في رحمة الإسبان وليسدل الستار على عهد الإسلام في الأندلس والذي دام ثمانية قرون بعد سقوط غرناطة.

وهكذا كان لرحيل أبي عبد الله بداية النهاية للحكم الإسلامي، وتحولت بعدها أصوات الأذان التي كانت تصدح من على قامات المآذن إلى أجراس الكنائس.

تابعونا على تويتر

موقع إسبانيا بالعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *