إسبانيا: متحف قرطبة الأركيولوجي يعرض كنزا يعود إلى عهد الخلافة في الأندلس
أخبار إسبانيا بالعربي – على الرغم من أنها لا تتجاوز بالكاد الساعة العاشرة صباحا، إلا أن العديد من زوار متحف قرطبة الأركيولوجي، يتدفقون بكثافة لاكتشاف مكونات معرض، يتحدث عنه الجميع، ويتشكل من مجموعة استثنائية من قطع الحلي، والمجوهرات، التي تعود إلى عهد الخلافة في الأندلس، والتي تم إخراجها من غياهب النسيان بعد أن تم العثور عليها عبر الأنترنت.
ولم يكن الكنز، الذي يعود إلى حقبة الخلافة في الأندلس، والذي أطلق عليه اسم (أمارغييا) نسبة إلى المزرعة، التي تم العثور عليه فيها، ليجد طريقه إلى العرض لهذا المتحف لولا الصدفة، التي قادت إلى اكتشافه، ما يعطي لقطعه من الحلي، والمجوهرات هالة تثير الاهتمام لدى الخبراء بمثل هذه الكنوز، وكذا لدى الهواة، والزوار.
الأندلس في شرايين الملكة الراحلة إليزابيث الثانية.. وآبراهام لينكولن.. وآلفيس بريسلي
وبفضل يقظة عالم آثار من قرطبة، وجدت هذه اللقى والمجوهرات، القادمة من عمق التاريخ، طريقها إلى متحف قرطبة الأركيولوجي، حيث نبه هذا الخبير الشرطة، حينما اكتشف هذه الحلي، والمجوهرات معروضة للبيع لمن يدفع أعلى سعر على شبكة الأنترنيت، ليقود تحقيق دقيق للشرطة عناصر الأمن إلى استعادة هذا الكنز، الذي لا يقدر بثمن، والذي أبهر الخبراء كما الهواة، خصوصا أن هذه المجموعة المتفردة من الحلي، والمجوهرات لا تشكل فقط قيمة تراثية كبيرة، ولكن أيضا قيمة فنية لجمالية هذه القطع التي تعد غاية في الإتقان.
ولا تزال كل من “ماريا خيسوس مورينو”، وكذا “خوسي إسكوديرو”، مندوبا المعرض المذكور مدهوشين بهذا الاكتشاف الاستثنائي، إذ أكدا أن مجموعة الحلي والمجوهرات “تشكل، بحق، كنزا متكاملا يتضمن العديد من القطع، التي تظهر لأول مرة مثل زوج من الأساور النادرة”.
وقالت “ماريا خيسوس مورينو”، مندوبة المعرض في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الحلي، والمجوهرات، التي تتشكل منها هذه المجموعة هي عبارة عن قطع فنية غاية في الدقة والإتقان، تكشف عراقة الصناعة التقليدية في ذلك الوقت، كما يتضح ذلك من خلال الخيوط الذهبية الدقيقة، التي تكسو العديد من القطع، والتي تعكس مهارة، وخبرة الصائغ الحرفي، الذي أبدعها، وهي المهارة والخبرة نفسيهما، اللتين توارثتهما الأجيال، ولا تزال تغذي سمعة مدينة قرطبة حتى الآن.
وخضعت جميع الحلي، والمجوهرات، التي تتشكل منها المجموعة المذكورة لعملية ترميم، قصد تخليصها من الشوائب، واستعادة رونقها، ولمعانها، إذ في المجموع كُشفت 623 قطعة من الحلي، والمجوهرات من الذهب الخالص، والفضة، ومن الفضة المذهبة المؤثثة بالأحجار الكريمة من مختلف الألوان، وكذا الأساور المضفرة، والقلادات المزينة بالزخارف على شكل حلقات، ومجموعة أخرى من الحلي، التي تعكس عراقة فنون الصياغة، ومهارة الصانع التقليدي، وما أبدعه من أعمال فنية في تلك الحقبة.
كما توجد ضمن المجموعة ذاتها، المؤلفة من الحلي والمجوهرات، قطعة نادرة عبارة عن نجمة داوود السداسية، والتي أبهرت الخبراء، إذ أكد علماء الآثار أنها تعود إلى إحدى الشخصيات اليهودية البارزة في تلك الحقبة.
وأكد الخبراء أن البحث، والتدقيق، الذي أخضعت له هذه اللقى كشف أنها تعود إلى مرحلة شهدت توترات سياسية، واجتماعية كثيرة في عهد الخلافة بالأندلس، مشيرين إلى أن عدم وجود عملات معدنية ضمن هذه اللقى يجعل من المستحيل تحديد تاريخ هذا الكنز بدقة لكن ماريا خيسوس مونيرو أكدت أنها تعود إلى زمن الفتنة، التي حدثت مع قرب نهاية الحكم الأموي في الأندلس.
وقالت مندوبة المعرض “في العادة، يتم إخفاء هذا النوع من الكنوز في وعاء فخاري، والذي سيتم دفنه لاحقا، أو إخفاؤه بين جدران المنزل على أن يعود مالكه مرة أخرى لاستلام ممتلكاته، لكن في هذه المجموعة تم إخفاء، ودفن هذه القطع النادرة من الحلي والمجوهرات في قماش، حيث تم العثور على آثار من القماش على العديد من القطع في هذه المجموعة”.
وحسب القيمين عن المعرض المذكور، فإن الكنز النادر قد ظل مدفونا لأكثر من ثمانية قرون، ويعتبرون أن هذه المجموعة، وإلى أن يثبت العكس، تبقى أحد أهم 17 كنزا تم اكتشافها حول العالم حتى الآن، كما أنه من أكثر الاكتشافات سخاء من حيث عدد القطع، وجماليتها، وسلامتها، وعدم تعرضها للتلف.
وأكد خوسي إسكوديرو، مندوب المعرض داخل متحف قرطبة، أن مجموعة الحلي والمجوهرات المعروضة، حتى يونيو المقبل، “تعد من بين أكثر الكنوز الأندلسية اكتمالا، التي تعود إلى فترة ما قبل القرن الثالث عشر، التي تم اكتشافها على الإطلاق”.
وتزين قطع الكنز المذكور، الذي يعود تاريخه إلى الفترة الإسلامية في الأندلس، الآن، معرض متحف قرطبة، وهو يشكل موروثا حضاريا عريقا تكشف قطعه عن معلومات جد غنية ودقيقة، وكذا ما أبدعه الصانع التقليدي في هذا العصر الذي لم تكشف بعد كل أسراره.
المصدر: اليوم 24./ موقع اسبانيا بالعربي