خوان كارلوس: حكاية ملك إسبانيا السابق والعشيقة ولعنة الفيل
في أوائل أغسطس/ آب الجاري غادر ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس البلاد بعد مزاعم بارتكاب مخالفات مالية. لكن محبة البلاد لملكها كانت قد بدأت في التراجع منذ عام 2012، بعد رحلة صيد فيل مشؤومة.
وكانت مع الملك في رحلة السفاري تلك عشيقته السابقة كورينا زو ساين فيتغنشتاين، والتي تحدثت حصريا إلى بي بي سي عن هدية بملايين اليوروهات من خوان كارلوس، فضلا عن مزاعم بمضايقة المخابرات الإسبانية لها، وعن الفيل.
على الرغم من أن زو ساين فيتغنشتاين لا تريد حقا التحدث عن الفيل الذي قتله الملك خوان كارلوس بالرصاص في 11 أبريل/ نيسان عام 2012. لكن وسائل الإعلام أفادت أن الحيوان كان يبلغ من العمر 50 عاما ويزن خمسة أطنان، ويزيد طول أنيابه عن متر.
ولم تكن قادرة على تحديد مواصفات الفيل عندما سئلت عن الحادث. وتقول مستشارة الأعمال الدنماركية المولد، والتي ترعرعت في ألمانيا: “ليست لدي أي فكرة”، نعم كانت في رحلة السفاري مع الملك، لكنها تقول إنها كانت على مسافة عندما وقع إطلاق النار.
وتقول: “رأيت الفيل بعد ذلك لأن الجميع ذهب لرؤيته، لكنني ابتعدت بعد دقيقتين. أنا أمارس الصيد، لكنني لم أقتل أي فيل في حياتي ولم أفعل ذلك أبدا. وبالنسبة لي، كانت تجربة الصيد بأكملها مؤلمة”.
فضائح المؤسسة الملكية الإسبانية: خوان كارلوس الأول يهدي عشيقة ألمانية 65 مليون يورو
“كان لدي هاجس إزاء تلك الرحلة”
وكانت رحلة السفاري في بوتسوانا هدية من الملك لابنها في عيد ميلاده العاشر. وكان خوان كارلوس قريبا من أطفال زو ساين فيتغنشتاين خلال علاقته العاطفية معها بين عامي 2004 و2009، وهي علاقة لم يعرف عنها الشعب الإسباني شيئا في ذلك الوقت. فهو متزوج منذ عام 1962 من الملكة صوفيا.
وتقول زو ساين فيتغنشتاين: “لم أكن حريصة على الذهاب في هذه الرحلة، ولكن شعرت أن الملك خوان كارلوس كان يحاول إقناعي بالعودة إليه، ولم أرغب في إعطاء انطباع خاطئ، وكان لدي هاجس إزاء تلك الرحلة”.
وربما كان لذلك الهاجس سبب وجيه كما سيظهر فيما بعد، فقد سقط الملك في خيمته الفاخرة المخصصة لرحلات السفاري قبل فجر يوم 13 أبريل/ نيسان عام 2012، مما أدى إلى كسر في مفصل الفخذ.
وعند عودته إلى مدريد، سلط الإعلام الأضواء على قصة السفاري مثل أسد شره يتسلط على غزال هش. وجاء الكشف عن رحلة صيد الأفيال بعد وقت قصير جدا من بدء التحقيق مع صهر الملك إيناكي أوردانغارين في قضايا فساد، ولا يزال أوردانغارين في السجن.
كان ذلك في وقت عصيب تمر به إسبانيا حيث بلغ معدل البطالة 23 في المئة. وبعد إجراء عملية جراحية ظهر الملك خوان كارلوس لأول مرة علنا في مستشفى مستندا على عصا للمشي. وسئل كيف كان.
وقال: “أنا آسف، لقد ارتكبت خطأ، ولن يحدث ذلك مرة أخرى”.
كان الملك خوان كارلوس مصونا ولا يمكن المساس به إلى حد كبير بسبب مكانته في تاريخ إسبانيا، كرأس للدولة بعد وفاة فرانسيسكو فرانكو في عام 1975 حيث أشرف الملك على انتقال إسبانيا من الديكتاتورية إلى الديمقراطية وواجه محاولة انقلاب في عام 1981. بيد أن الضرر الذي طال الملك الذي يحظى بشعبية الآن بات هائلا.
ويقول خوسيه أنطونيو ثارثاليخوس، رئيس التحرير السابق لصحيفة “أ ب ث” اليمينية الداعمة للنظام الملكي في إسبانيا: “انفجرت الأزمة لأن رحلة بوتسوانا طرحت عدة أشياء على الطاولة”.
وأضاف موضحا: “أولا، كان الملك غير مخلص وبشكل علني للملكة صوفيا، وثانيا، في خضم أزمة اقتصادية زار خوان كارلوس بلدا لا يوجد فيه تمثيل دبلوماسي لإسبانيا، لذلك كان الملك، كرأس للدولة، بعيدا عن رصد الحكومة الإسبانية، وثالثا، كانت هذه رحلة باهظة الثمن ولم نكن نعرف من الذي دفع ثمنها. لقد خلق كل ذلك صورة سيئة للملك”.
أصل الحكاية
التقى الملك خوان كارلوس وزو ساين فيتغنشتاين في حفل صيد في فبراير/ شباط عام 2004.
وتقول إن الملك كان يواجه مشكلة مع بندقيته. وتضيف قائلة: “وأنا على دراية كبيرة بكل تلك المسائل، لذلك أمكنني شرح المشكلة،وأعتقد أنه كان متفاجئا تماما”. وقد سارت العلاقة ببطء.
وتقول: “انتهى بنا المطاف بالتحدث على الهاتف لبضعة أشهر، وكان الموعد الأول في أوائل الصيف. لطالما ضحكنا كثيرا. وانسجمنا على الفور في أشياء كثيرة فقد كان لدينا العديد من الاهتمامات المشتركة في السياسة والتاريخ والطعام الرائع والنبيذ”.
وتابعت: “كنت أعيش في لندن في ذلك الوقت بعد أن بدأت للتو أعمالي الاستشارية الخاصة. وكنت أما وحيدة لطفلين. لذلك كنا نلتقي في مدريد في كوخ صغير في ضيعة كبيرة، وسافرنا معا”.
وتستطرد قائلة: “في العام الأول كان الأمر أكثر صعوبة لأنني كنت مشغولة للغاية وكان جدول أعماله متخما، لكنه كان يتصل بي نحو 10 مرات يوميا. لقد كانت علاقة قوية جدا وعميقة وذات مغزى على الفور”.
وفي مرحلة معينة، سألت الملك: كيف هي الأمور مع الملكة صوفيا؟
وتقول: “قال الملك إن لديهما ترتيبا لتمثيل التاج، لكنهما يعيشان حياة مختلفة تماما ومنفصلة. وكان الملك قد خرج للتو من علاقة استمرت 20 عاما تقريبا مع سيدة أخرى كان لها أيضا مكانة مهمة جدا في قلبه وفي حياته”.
وقد أصبح الملك وزو ساين فيتغنشتاين قريبين حيث أمضت وقتا مع أصدقائه والتقت بأبنائه.
وفي عام 2009، تلقى والدها زيارة من خوان كارلوس.
وتقول: “اتصل بي والدي وقال إن الملك جاء لرؤيته وأخبره أنه يحبني كثيرا وينوي الزواج مني، وقد أخبر والدي أيضا أنه لا يمكنه فعل ذلك على الفور، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت، وقد أراد أن يعرف والدي أنه جاد جدا بشأني”.
وتضيف قائلة إنه في وقت سابق من ذلك العام طلب الملك منها الزواج.
وقالت: “من الواضح أنها لحظة عاطفية للغاية عندما يحدث شيء كهذا، وكنت أحبه كثيرا، لكنني توقعت كمحللة سياسية استراتيجية أن يكون الأمر صعبا للغاية. واعتقدت أنه قد يزعزع استقرار النظام الملكي”.
وأوضحت: “لهذا السبب لم أشجعه حقا، لقد اعتبرت الأمر دليلا على جدية العلاقة، وليس شيئا يمكن أن يتحقق بالفعل”.
وستنتهي تلك العلاقة العاطفية في نفس العام.
صراع البيت الملكي الإسباني: انتقام الملكة ليتيثيا بعد سنوات من إذلال خوان كارلوس لها
نهاية العلاقة العاطفية
وتقول زو ساين فيتغنشتاين: “كان والدي يعاني من سرطان البنكرياس ولم يكن أمامه سوى بضعة أشهر ليعيش، لذلك قررت قضاء بعض الوقت معه، كنا قريبين جدا. ولصدمتي الكبيرة أنه بعد جنازة والدي مباشرة أخبرني الملك أنه كان على علاقة مع امرأة أخرى لمدة ثلاث سنوات”.
وتابعت: “لقد دمرني ذلك حرفيا، كان آخر شيء توقعته، فقد كنت بحاجة فعلا إلى الدعم العاطفي بعد وفاة والدي، ومثلت تلك الأخبار صدمة هائلة بالنسبة لي عاطفيا. لم أكن أتوقع ذلك بعد أن طلب مني الزواج وذهب لرؤية والدي. وبت مريضة جدا لبضعة أشهر”.
وبخلاف علاقته بالملكة صوفيا، تقول زو ساين فيتغنشتاين إنها اعتقدت أنها كانت على علاقة حصرية بالملك خوان كارلوس.
وتقول: “لقد أوضحت له بجلاء أنني لن أتحمل إقامته علاقات مع نساء أخريات في نفس الوقت الذي يرتبط فيه بي، وأعتقد أنه في النهاية شعر بالخجل بسبب ما فعله. لكن بالنسبة لي، كان ما حدث شيئا لا يمكنني أبدا تجاوزه”.
من علاقة إلى صداقة
وعلى الرغم من انتهاء العلاقة، ظل الاثنان صديقين، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الملك كان قريبا من أطفال زو ساين فيتغنشتاين. وفي نهاية عام 2009، طلب خوان كارلوس رؤيتها.
وتقول: “كان لديه بعض الأخبار السيئة ليخبرني بها، فقد تم تشخيص إصابته بورم في رئته وكان مقتنعا بأنه سرطان، لقد كان مرعوبا. وقال إن عائلته لا تعرف الأمر، ولم أرغب في التخلي عنه، لذلك بقيت صديقة مخلصة ووفية وحميمة خلال الوقت الذي كان فيه مريضا جدا”.
وعندما كان من المقرر أن يخضع الملك لعملية جراحية في عام 2010، تقول زو ساين فيتغنشتاين إنه طلب منها أن تكون معه في المستشفى.
وتضيف قائلة: “كنت أنام على أريكة بجوار سريره قبل الجراحة لأنه كان متوترا للغاية حيال ذلك، لكن التحليل أظهر أن الورم حميد”. ثم وصلت أسرة الملك.
وتتذكر قائلة: “لقد طلب مني عضو غير لطيف للغاية من طاقمه المغادرة، وعندما أدركت الملكة صوفيا وبعض الحاشية مدى جدية الملك تجاهي، نشأ مستوى عال من العداء”.
ومع ذلك، تقول زو ساين فيتغنشتاين إن صداقتها مع خوان كارلوس استمرت.
وتضيف قائلة: “لقد تعافى ببطء شديد من الجراحة، لذلك كنت أذهب إلى مدريد من وقت لآخر لأرى كيف حاله في إعادة التأهيل، وكيف كان يتعافى”.
بعد مرور 40 سنة: أسرار تكشف لأول مرة حول دور الملك خوان كارلوس في آخر انقلاب شهدته إسبانيا
رحلة بوتسوانا
ويعيدنا كل ذلك إلى عام 2012 في بوتسوانا حيث الفيل النافق وفخذ الملك المكسور.
وتقول زو ساين فيتغنشتاين: “لم يتم الحديث مطلقا عن أنني أنا التي نظمت بالفعل إعادته إلى الوطن، لأنه لم تكن هناك خطة قائمة”.
وتضيف: “سافرنا على متن طائرة خاصة، وكنت مدركة لحقيقة أن الملك لم يكن بصحة جيدة، كان معه طبيبان، ولذلك كنت قلقة، وقد أبقيت الطائرة على أهبة الاستعداد. لقد كانت مسؤولية كبيرة، وكان جاهزا للجراحة، وكنت متوترة للغاية من إمكانية عدم عودته حيا للوطن”.وسرعان ما أثارت قصة رحلة السفاري ضجة إعلامية، وتعتقد زو ساين فيتغنشتاين أن كل ذلك كان مخططا له مسبقا.
وتقول: “أعتقد أن هذه الرحلة كانت ستسرب بغض النظر عن الحادث فقد بدأت الفضائح التي تورط فيها صهر الملك وابنته تبزغ في نهاية عام 2011، وأعتقد أن ذلك أدى إلى تحريك فصائل مختلفة داخل المؤسسة والعائلة المالكة”.
وتضيف: “كانت هناك قوى تعمل داخل القصر على إزاحة خوان كارلوس، في محاولة لتسريع عملية التنازل عن العرش”.
ووصلت الرحلة الملكية القادمة من بوتسوانا إلى مدريد في وقت متأخر من الليل، وذهب الملك خوان كارلوس مباشرة إلى المستشفى.
وتقول زو ساين فيتغنشتاين: “منذ اللحظة التي عدت فيها من تلك الرحلة كنت تحت المراقبة الكاملة”.
وتستطرد قائلة: “كانت هذه بداية حملة لتصورني مثل واليس سيمبسون، السيدة ماكبث، الشخصية الشريرة التي قادت هذا الرجل الرائع إلى الضلال في هذه الرحلة خلال أزمة اقتصادية كبيرة”.
مضايقات المخابرات الإسبانية
وزعمت زو ساين فيتغنشتاين أنه بعد هذه الرحلة الإفريقية بدأت تحظى باهتمام غير مرحب به من قبل جهاز المخابرات الإسباني. وفي البداية ادعت أن شقتها في موناكو استهدفت.
وتقول: “كانت الشقة مشغولة عندما أسافر، فقد تلقيت فجأة رسائل من شركة أمنية تقول لقد اتصل بنا أصدقاؤك في إسبانيا، وكنت أبعث رسالة نصية إلى الملك متسائلة من هؤلاء الناس، ما الذي يحدث؟ فأخبرني أنهم كانوا هناك لحمايتي من مصوري الباباراتزي”.
وتقول:”ولكن لو كان قلقا بشأن أمني، لكان بإمكانه الاتصال بصديقه المقرب الأمير ألبرت (أمير موناكو) وهو أيضا صديق قديم لي، وقال إن لدينا بعض المخاوف الأمنية، هل يمكنك مراقبة شقة كورينا”؟
إذن ما الذي كانوا يبحثون عنه؟
وتجيب قائلة: “الوثائق، وبطريقة دقيقة للغاية، لقد مكثوا لأسابيع وأسابيع”.
وتقول إنها لا تعرف نوع الأوراق التي كانوا يبحثون عنها.
وتقول زو ساين فيتغنشتاين إنه خلال رحلة عمل في البرازيل تمت مراقبة تحركاتها، كما تلقت تهديدا بالقتل من مجهول يخبرها بوجود العديد من الأنفاق بين موناكو ونيس، في إشارة إلى الحادث الذي أودى بحياة الأميرة ديانا. وتقول إنه تم ترك كتاب في غرفة معيشتها عن مصرع الأميرة في شقتها بسويسرا.
وزعمت أنه في وقت لاحق من عام 2012 زارها رئيس المخابرات الإسبانية فيليكس سانز رولدان في لندن.
وتقول: “قال إن الملك أرسله، وكان التحذير الأساسي هو عدم التحدث إلى وسائل الإعلام”.
وتضيف: “قال إنني إذا لم أتبع هذه التعليمات، فلن يضمن سلامتي أو سلامة أطفالي”.
حاولت بي بي سي الاتصال بفيليكس سانز رولدان (الذي لم يعد رئيسا للمخابرات الإسبانية) بشأن هذه المزاعم الخطيرة. لم يكن هناك رد على هذه الاستفسارات. ورفضت شركة إيبردرولا الإسبانية التي يعمل مستشارا فيها تسهيل الاتصال به.
وبالتأكيد، من المعروف أن فيليكس سانز رولدان مقرب جدا من الملك خوان كارلوس.
ويقول فرناندو رويدا، الأكاديمي في جامعة فيلانويفا والخبير في المخابرات الإسبانية: “عندما تم تعيين فيليكس سانز مديرا للمخابرات الإسبانية نمت صداقة قوية بينهما، لقد عمل على حماية الملك تماما”.
ويضيف: “لكن لم يكن فيليكس سانز أول رئيس للمخابرات يخبر الملك أن العلاقة مع كورينا كانت سلبية للغاية، وأنه لا يمكن الوثوق بها”.
إذن ما هو رأيه في ادعاءات زو ساين فيتغنشتاين بمضايقة المخابرات لها؟
أجاب قائلا: “لا أحد يعرف ما إذا كان ذلك صحيحا أم لا”.
وأضاف:”لكن ذلك لن يفاجئني، لأنه إذا اعتبرت المخابرات أن أمن الدولة الإسبانية في خطر، فسيستخدمون جميع الآليات لجعل شخص ما يعيد الوثائق التي في حوزته”.
صلات شرق أوسطية
وفي إسبانيا، لم يكن الملك خوان كارلوس قادرا على التخلص من لعنة الفيل. وفي عام 2014 تنازل عن العرش لصالح ابنه فيليب. وبصفته ملكا فخريا، كان لا يزال مشغولا بالمهام الرسمية والرحلات التجارية والسفر الدولي خاصة إلى الشرق الأوسط.
وهذه الصلات الوثيقة للغاية التي لدى خوان كارلوس في الشرق الأوسط هي التي أصبحت موضوع فحص مكثف خاصة من المدعين العامين. فقد بدأت التحقيقات القضائية بعد أن أصبحت تسجيلات ضابط شرطة إسباني مارق علنية. فقد قام بتسجيل جميع محادثاته مع الأغنياء والأقوياء بما في ذلك مع زو ساين فيتغنشتاين.
في عام 2018 تم نشر ذلك التسجيل الصوتي في وسائل الإعلام الإسبانية. وفي أحد التسجيلات، صوت أنثوي يسأل باللغة الإسبانية عن الملك الفخري: “كيف يحصل على المال؟ يستقل طائرة، ويسافر إلى الدول العربية، ويعود بالنقود في حقائب، أحيانا بـ 5 ملايين، وهو لديه آلة لحسابها، لقد رأيتها بعيني”.
ولم تؤكد كورينا زو ساين فيتغنشتاين رسميا أبدا أنها كانت في التسجيل. لكن ما تم الكشف عنه من تلك الأشرطة كان مثيرا، وأصبح حافزا لفتح التحقيقات في سويسرا ومؤخرا في إسبانيا.
وفي قلب تلك الإجراءات هناك مبلغ 100 مليون دولار من الملك الراحل للمملكة العربية السعودية تم إيداعه في حساب مصرفي سويسري مرتبط بمؤسسة مقرها بنما في عام 2008. وكان المستفيد هو الملك خوان كارلوس.
ويحقق المدعي العام السويسري مع 3 أشخاص على صلة بالملك السابق، وهو يدرس ما إذا كانت هذه الأموال مرتبطة بمنح عقد ضخم إلى كونسورتيوم إسباني لبناء خط سكة حديد لقطار عالي السرعة في المملكة العربية السعودية بعد ذلك بـ 3 سنوات. وبعبارة أخرى، هل كانت عمولة؟.
وفي إسبانيا، فتحت المحكمة العليا تحقيقا مع الملك الفخري خوان كارلوس نفسه، حيث لم تكن تستطيع النظر في المخالفات المزعومة إلا بعد تنازله عن العرش في عام 2014، عندما فقد حصانته من المحاكمة
ثم في أوائل أغسطس/ آب 2020، بعد أسابيع من ارتباط اسمه بالتحقيق، أصدر الملك السابق بيانا مفاجئا بأنه غادر إسبانيا، و بعد أسبوعين من التكهنات حول مكان وجوده قال القصر الملكي الإسباني إنه يعيش في الإمارات العربية المتحدة
هدية سخية جدا
إذن، أين مكان كورينا زو ساين فيتغنشتاين من كل ذلك؟ هي من بين الأشخاص الذين يُحقق معهم المدعي العام السويسري، وذلك لأنه في عام 2012 وبعد كارثة بوتسوانا نقل الملك آنذاك خوان كارلوس ما تبقى من 100 مليون دولار من المملكة العربية السعودية، حوالي 65 مليون يورو، إليها.
وتقول: “لقد فوجئت تماما لأنه من الواضح أنها هدية سخية للغاية، وعلى الرغم من ذلك سأقول إن المناقشات حول إدارته لوصيته خلال حياته قد جرت في عام 2011. لقد بدأ الحديث عن وفاته وما يريد تركه في وصيته”.
وتضيف: “ذكر أيضا أنه يريد الاعتناء بي، لكن لم تتم مناقشة أي مبالغ على الإطلاق. كان قلقا من أن الأسرة لن تحترم رغباته”.
وتقول إنها تلقت المال بعد تفتيش شقتها في موناكو وزيارة رئيس المخابرات الإسبانية.
وبعد تحويل المال، سافرت إلى مدريد لشكر الملك على حد قولها، حيث أخبرها أنه يشعر بالذنب حيال ما حدث لها، وتقول: “أعتقد أنه أصيب بصدمة شديدة لفهم مدى الضغط الذي تعرضت له، ومدى تدمير السمعة الذي حدث”.
وفي إفادتها للمدعي العام السويسري، قالت زو ساين فيتغنشتاين إنها تعتقد أن الملك أعطاها المال بدافع الحب.
وتقول: “أعتقد أنه كان اعترافا بمدى ما عنيته بالنسبة له، وما الذي كان يعنيه ابني بالنسبة له، كما كان امتنانا لرعايته في أسوأ لحظاته على الإطلاق”.
وتصر على أن الملك لم يكن يحاول إخفاء أو غسل هذه الأموال عن طريق منحها لها، على الرغم من أنه طلب استرداد الأموال في عام 2014.
وتقول: “في عام 2014، قام بمحاولات يائسة ليجعلني أعود إليه، وفي مرحلة ما أدرك أنني لن أعود، فانفجر غاضبا وطلب إعادة كل شيء. أعتقد أنها كانت مجرد نوبة غضب”.
وتضيف: “لذلك أكد للتحقيقات السويسرية أنه في الواقع لم يطلب استرداد الأموال مطلقا، وأنني لم أحتفظ بأموال نيابة عنه على الإطلاق”.
غضب في إسبانيا
وفي إسبانيا، أثارت هدية الأموال السائلة التي قدمها خوان كارلوس بملايين الدولارات إلى زو ساين فيتغنشتاين اهتماما كبيرا وغضبا. وكانت هذه الأخبار قد ظهرت في الوقت الذي واجهت فيه إسبانيا واحدة من أسوأ حالات تفشي فيروس كورونا في أوروبا.
وأطلقت إيفيت تورنت، المحامية الشابة من برشلونة، التماسا عبر الإنترنت تطالب بتحويل الأموال إلى نظام الرعاية الصحية العامة في إسبانيا.
وتقول: “كان العاملون الصحيون المنهكون يعملون ألف ساعة بأدنى حد من الموارد”، مضيفة أن تخصيص الأموال لهم سيكون “أعدل شيء”.
ووقع ما يقرب من 250 ألف شخص على ذلك الالتماس. إذن ما الذي تريد تورنت من عشيقة الملك السابق أن تفعله بهدية الأموال السائلة الذي أهداها لها؟.
وتجيب تورنت قائلة: “لا أعرف ما إذا كانت هذه الأموال غير مشروعة، ولكن إذا أثبتت التحقيقات الجارية وجود مصدر غير قانوني لهذه الأموال فعليهم إعادتها”.
وما هو رد زو ساين فيتغنشتاين على هذا الطلب؟
وتجيب زو ساين فيتغنشتاين قائلة: “سأترك هذا الأمر للمدعي العام السويسري، ذلك أن ممارسة الضغط على ليس الطريقة الصحيحة للمضي قدما”.
وتضيف: “لأنني أعتقد أنه في هذه الحالة يجب على الجميع إعادة كل شيء، وما أجده غير عادي هو أنهم يحولون 40 عاما من أسلوب عمل شركة عائلية إلى التركيز على شخص واحد وهو أنا، لأنه سيكون هناك المئات من الحسابات أخرى في قضايا أخرى”.
وتصر كورينا زو ساين فيتغنشتاين على أن الهوس بها وبالأموال التي تلقتها من الملك الفخري جزء من حملة خبيثة لا تزال مستمرة تديرها جزئيا الاستخبارات الإسبانية.
ولقد زودت زو ساين فيتغنشتاين بي بي سي بأرقام البلاغات التي قدمتها للشرطة والمتعلقة بالحوادث التي تدعي أنها حدثت في المملكة المتحدة على مدى السنوات القليلة الماضية.
وتقول: “إن المضايقات لم تتوقف أبدا، بل إنها تزداد كثافة”.
وتستطرد قائلة: “لكننا سنتحدث عن ذلك في التحقيقات القادمة في المملكة المتحدة حيث ستتعامل القضية مع جميع عناصر حملة الإساءة، وسيكون خوان كارلوس هو المدعى عليه، لكنه قد لا يكون المدعى عليه الوحيد”.
وتلك الإجراءات القانونية الإنجليزية لم تصدر بعد.
علامة استفهام
وبالنسبة لفرناندو رويدا، الخبير في المخابرات الإسبانية، هناك علامة استفهام حول ادعاءاتها.
ويقول: “لم يعد من المنطقي أن تقوم المخابرات الإسبانية بمضايقتها في المملكة المتحدة عندما تكون الأمور علنية بالفعل. ما تفعله هو محاولة الدفاع عن نفسها من خلال تقديم نفسها على أنها ضحية”.
ويضيف: “مشكلة كورينا هي أنها تواجه قضايا قانونية، وعليها أن تشرح وتبرر لماذا لديها 60 مليون يورو، ويمكن أن يتم توجيه تهمة لها. لكن خوان كارلوس، وفقا للقانون الإسباني، لا يمكن توجيه اتهامات إليه”.
وعلى الرغم من الوضع القضائي الملتهب الذي تجد نفسها فيه، تقول زو ساين فيتغنشتاين إنها لا تساورها شكوك بشأن علاقتها المبكرة بالملك الفخري.
وتقول: “أنا لست نادمة على الإطلاق على علاقتي العاطفية مع خوان كارلوس، لدي مشاعر صادقة جدا تجاهه، وأنا حزينة للغاية للتحول الذي حدث”.
المصدر: بي بي سي.