البشرات.. ثورة في إقليم صغير ردت عليه أوروبا بحملة صليبيه ومذبحة للمسلمين
أخبار إسبانيا بالعربي – في 20 أكتوبر 1569 إستطاع فيليب الثاني ملك إسبانيا من إخماد أكبر ثورة مسلحة قام بها مسلمو الأندلس والمعروفين بإسم الموريسكيين، بعد تمكنه من إغتيال القائد الأندلسي محمد بن أمية قائد الموريسكيين، وآخر سلالة الدولة الأموية في حرب شهيرة أطلق عليها “البشرات”.
ثورة البشرات (1568-1571)
لقبت الثورة تاريخيا بثورة الموريسكيين أو ثورة البشرات، كانت ضد ملك “قشتالة” في الأندلس، لرفض إجبار المسلمين على التنصير بعد سقوط أخر معاقلهم في غرناطة على أيدي القشتاليين عام 1492 م، فبعد السقوط بفترة قصيرة تمتعوا بقدر من الحرية الدينية، رغم تعرضهم لبعض التمييز القانوني، رغم أن معاهدة غرناطة التي بمقتضاها سلم المسلمين البلاد للقششتاليين، نصت على التسامح مع المسلمين، إلا أن الملكة إيزابيلا الأولى خالفت المعاهدة وبعد 7 سنوات من توقيعها أصدرت سنة 1499 مرسومًا يقضي بإجبار جميع مسلمي إسبانيا على التنصر وإلا طردوا من إسبانيا.
نقض العهود
وزادت إيزابيلا على ذلك بأنها أمرت بإحراق الكثير من الكتب العربية في ساحة البيازين بغرناطة، الأمر الذي أدى لاندلاع أولى ثورات الموريسكيين في غرناطة (1499 ـ 1501)، وذلك لانتهاك معاهدة غرناطة، وفي سنة 1502 ألغت إيزابيلا كل التعهدات الرسمية التي تقضي بالتسامح مع المسلمين في جميع أرجاء مملكة قشتالة، الأمر الذي أدى فيما بعد لانتهاء الإسلام كقوى سياسية وإجتماعية فى البلاد، ويتحول المسلمون للمسيحية بسبب قرارات الملكة، ولكن ظلت العلاقة متوترة بين المسيحيين وبين الموريسكيين حيث يرونهم مسيحيين في الظاهر ولكنهم مسلمون سرا، ولازالوا يتحدثون اللغة العربية ولهم ثقافتهم الخاصة.
الأتراك قادمون والموريسكيين محاصرين
برزت الخلافة العثمانية كقوة جبارة فى القرن السادس عشر، في الشرق والغرب، خاصة طموح السلطان سليم الثاني بغزو الغرب، وهو ما حدث فعليا لاحقا، وقد نشبت عدة معارك عسكرية بين الدولة العثمانية وإسبانيا، الأمر الذي زاد من مخاوف فيليب الثاني ملك إسبانيا من دعم الموريسكيين للعثمانيين فيحتلوا إسبانيا فأصدر عام 1567 مرسومًا ملكيا أنهى من خلاله كل أشكال التسامح مع الثقافة الموريسكية، وأمر بتدمير كل الكتب والوثائق المدونة باللغة العربية، وبتعليم جميع الأطفال الموريسكيين على أيدي قساوسة كاثوليك، كما حظر استخدام اللغتين العربية والبربرية، ومنع ارتداء الملابس الموريسكية، وأجبر الموريسكيين على التسمي بأسماء مسيحية.
سلالة حكام المسلمين يقودون ثورة مسلحة
أوامر الملك فيليب عجلت بإندلاع ثورة مسلحة للمسلمين الموريسكيين في غرناطة، وفي منطقة وادي الإقليم في إسبانيا إجتمع سرا في ليلة عيد الميلاد من سنة 1568، جماعة من منفيي ومورسكيي غرناطة والبشرات وغيرهما، وتبرأوا من المسيحية، بعد أن أجبروا على إعتناقها وبايعوا محمد ابن أمية، وإسمه المسيحي فرناندو دي بالور، قائدًا لهم ووريثًا لعرش الدولة الأموية في الأندلس، وقاد الثورة المسلحة كل من فرج بن فرج، وهو من بني الأحمر آخر حكام غرناطة من المسلمين ومحمد بن عبو، وإسمه الإسباني دييغو لوبيث، وجمعا القوات لقتال الملك فيليب، وطلبا المدد من ملوك شمال إفريقيا، وبدأت الثورة المسلحة على شكل حرب عصابات وبعد عام من القتال اغتيل ابن أمية سنة 1569 وخلفه محمد ابن عبو.
فيليب الثاني يخمد ثورة 25 ألف ثائر ويشتت 80 ألف شخص
انفجر غضب الملك فيليب الثاني وأمر بتشكل قوة عسكرية كبيرة لقمع الثورة المسلحة التي بدأت بحوالي 5 ألاف شخص لتصبح قرابة 25 ألف شخص بعد عام من اندلاعها من بينهم جنود من الأتراك والبربر، فاستطاع الإنتصار على الثائرين وقتل قائدهم ابن عبو في أحد كهوف البشرات التي كان يختبئ بها في 13 مارس 1571، ثم خمدت الثورة سنة 1571، ليأمر الملك فيليب الثاني بتشتيت شمل 80 ألفًا من موريسكيي غرناطة في أنحاء متفرقة من مملكته لتفتيت وحدة المجتمع الموريسكي وتسهيل دمجهم في المجتمع المسيحي، وأمر بنقل جميع سكان البشرات تقريبًا إلى قشتالة وغرب الأندلس، وأخليت حوالي 270 قرية من سكانها المسلمين ووُطن في بعضها مسيحيون من الشمال الإسباني.
المصدر: خزانة الأندلس/ إسبانيا بالعربي