قصة جزر بحر ايجة والخلاف الممتد بين تركيا واليونان بسبب هذه الجزر منذ قرابة 200 عام
أخبار إسبانيا بالعربي – بحر ايجة واحد من أعقد البحار في العالم يوجد به قرابة 3000 جزيرة وهو عدد ضخم من الجزر لكن معظمها جزر صخريه صغيره جدا.
جميع جزر ايجه كانت ملك للدوله العثمانية، لكن مع اقتراب أفول نجم الإمبراطورية العثمانية باتت تخسر أراضيها وجزرها لصالح الدول العظمى.
حرب الإستقلال اليونانية
وفي 1822 قام اليونانيين بتمرد على الدولة العثمانية واعلنوا إستقلالهم لتتدخل الدولة العثمانية وتنهي هذا التمرد، لترسل بعدها روسيا وبريطانيا وفرنسا مذكرة للدولة العثمانية يطالبونها بمنح اليونانيين الإستقلال، وهو ما رفضته الدولة العثمانية
لتقوم هذه الدول بتشكيل تحالف والقيام بمعركة بحرية
تم تدمير البحرية العثمانية فيها.
ثم نشبت حرب روسية عثمانية وانتهت بهزيمة العثمانيين وتوقيع معاهدة ادرنه، ثم حصلت بعدها اليونان على الإستقلال في 1830، ولم ينتهي الأمر بتأسيس اليونان بل طالبت منذ تأسيسها بأن تصبح قبرص تابعه لها.
كما إستغلت إيطاليا خسارة الدولة العثمانية لحروب البلقان وإحتلت 12 جزيرة في ايجة، ومع إستسلام الدولة العثمانية وتقسيم إرثها في معاهدة سيفر المذلة، بعدها خاض العثمانيون حرب إستقلال طاحنة مع سبع دول عظمى كانت تحتل أراضي الدولة العثمانية.
معاهدة لوزان
وأدى الأمر إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات لتوقيع إتفاقية سلام بين تركيا والقوى العظمى بدلا من معاهدة سيفر عُرِفت بمعاهدة لوزان، هذه المعاهدة رسمت حدود تركيا بشكلها الحالي لكن كان الخلاف بشأن حدود تركيا. البحرية وخصوصا حدودها مع اليونان ومسألة الجزر القريبة من تركيا و12جزيرة التي تحتلها إيطاليا.
رفضت الدول العظمى أن تمنح تركيا الجزر القريبة منها في بحر ايجة والمتوسط تحت مبرر أن أغلب سكان الجزر يونانيين، لهذا قرروا أن يمنحوا سيادة الجزر لليونان، لكن تركيا رفضت ذلك لأن ذلك تهديد لأمن تركيا، لتقرر الدول العظمى إضافة شرط أن تمنح هذه الجزر لليونان وتكون منزوعة السلاح
طبعا لم تسقط تركيا في هذا الفخ أيضا ورفضت ذلك
لأن الجزر منزوعة السلاح يعني نزع الأسلحة الثقيلة فقط، لذلك وضعت الدول العظمى شرط آخر وهو أن تكون الجزر بوضع غير عسكري، مع منع القادة اليونانيين من زيارة الجزر، و منع إقتراب السفن الحربية منها، ومنع استخدام أجواءها عسكريا
وفي حال أخلت اليونان بوضع الجزر الغير عسكري يعني إنتهاء سيادة اليونان على الجزر قانونيا.
حينها قررت تركيا الموافقه لكن بقيت عقبة 12 جزيرة في ايجة التي تحتلها إيطاليا والتي رفضت تسليمها، ورفضت أن تشملها معاهدة لوزان. طبعا اتفاقية لوزان حددت حدود تركيا واليونان البحرية في بحر ايجة ب 3 ميل فقط من البر الرئيسي وأي دوله تزيد عن ذلك فقد اخلت بإتفاقية لوزان
في عام 1936 بعد توقيع تركيا اتفاقية مونترو لتنظيم حركة المضائق نقضت اليونان أول بنود اتفاقية لوزان وأعلنت زيادة حدودها البحرية ل 6 ميل.
• لماذا تقــاس سرعة السفينة فــي البحر بالعقدة وليــس بالمتر؟
إنسحاب إيطاليا
في 1947 قررت إيطاليا الانسحاب من الجزر ووقعت معاهدة باريس للسلام، والعجيب أنه بدلا من أن تمنح تلك الجزر لتركيا منحتها لليونان، طبعا هناك الكثير من الروايات حول تسليم إيطاليا الجزر لليونان، منها أن إيطاليا كانت في مفاوضات مع تركيا لتسليم الجزر لكن بعد قدوم موسليني غيرت إيطاليا رأيها.
وروايه أخرى تقول أن اينونو رفض استلام الجزر بحجة أنه لا يريد أن يخل بمعاهدة لوزان خشية نقض الإتفاقيه والعودة للحروب مجددا، وهناك روايه تقول أنه أصلا لم يتم استدعاء تركيا لطاولة المعاهدة، لكن هل تسليم ايطاليا الجزر لليونان بحسب إتفاقية لوزان لا يعد أمر قانوني.
فقد نصبت تركيا فخا للدول العظمى في المادة 16 من اتفاقية لوزان والتي تنص أن مصير إرث الدولة العثمانية تحدده وريثة الدولة العثمانية (تركيا) والدول العظمى، وبما أن تركيا لم تكن على الطاولة فهذا يعني أن معاهدة باريس باطلة، ويحق مستقبلا لتركيا استعادة الجزر بطريقه قانونية في حال قررت تركيا مع الدول العظمى تجديد اتفاقية لوزان التي ستنتهي بعد عام.
إنتهاك اليونان لمعاهدة لوزان مرة أخرى
في عام 1974 اخلت اليونان بشرط ثاني من شروط لوزان وبدأت بتسليح الجزر بحجة حماية برها. فردت تركيا بانشاء جيش بحر ايجة أضخم جيوش تركيا والذي يعمل بشكل مستقل عن الناتو، كذلك زادت تركيا حدودها البحرية ل 6 ميل لتتساوى مع حدود اليونان البحريه بالرغم من أن معاهدة لوزان حددت للدولتين 3 ميل فقط.
وفي عام 1982 استغلت اليونان نصا في اتفاقية البحار العالمية ينص على أنه يحق للدولة الموقعة على الاتفاقية أن تزيد حدودها البحرية ل 12 ميل، في حين تجاهلت تركيا وبعض دول العالم التوقيع على هذه الإتفاقيه من ضمنهم فنزويلا وإسرائيل.
تقول اتفاقية البحار العالمية أن يحق للدول المطلة على بحر مفتوح، أن تزيد حدودها البحرية من البر الرئيسي ل 12 ميل
لكن في حال كانت الدولة الموقعة على الاتفاقية تطل على بحر يفصل بين دولتين فيجب أن تقوم الدولتين بأخذ خط المنتصف وتقسيم الحدود البحريه بالتساوي بين الدولتين
لكن كالعادة اليونان تأخذ ما يناسبها من الإتفاقيات، ولأن تركيا لم توقع على اتفاقية البحار وقبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ
استبقت تركيا الاحداث وقطعت الطريق على اليونان وأعلن البرلمان التركي بالإجماع أنه في حال أعلنت اليونان حدودها البحريه ل 12 ميل فهذا يعني إعلان حرب. لماذا إعلان 12 ميل حد بحري لليونان تعتبره تركيا إعلان حرب؟ لأن 70% من بحر ايجة سيصبح ملكا لليونان، وبما أن اليونان تعتبر أن حدودها تنتهي من الجزر التي تمتلكها وليس من البر الرئيسي وأن الجزر ستملك حدود بحريه ب 12 ميل.
فهذا يعني أن تركيا ستبقى حبيسة شواطئها بدون ممر دولي، يعني أن السفن التركية التجارية القادمة من المضائق التركية لبحر ايجة يجب أن تأخذ الإذن من اليونان.
ونفس الوقت ممنوع لتركيا أن تخرج من شواطئها من بحر ايجة، وممنوع عليها القيام بمناورات بل حتى ممنوع للصيادين الأتراك التوغل في بحر ايجة، ولهذا اعتبرت تركيا ذلك إعلان حرب
عملية كاردراك
مع نهاية عام 1995 بدأ يتصاعد خلاف بين تركيا واليونان حول جزيرة “كارداك” التي تبعد عدة أميال فقط عن سواحل منطقة بودروم التركية، فعقب تعطل سفينة نقل تجارية في محيط الجزيرة، نشب خلاف بين قوات خفر السواحل التركية واليونانية حول ما إن كانت المنطقة التي تعطلت بها السفينة تعود لتركيا أو اليونان ومن يحق له تقديم المساعدة للسفينة.
وعقب ذلك، قام راهب يوناني وعدد من المواطنين بالوصول للجزيرة ورفع العلم اليوناني وترديد النشيد الوطني، وهي الخطوة التي رد عليها صحافيون أتراك تمكنوا من التسلل للجزيرة ورفع العلم التركي عليها في السابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني 1996، فما كان من اليونان إلا أن أرسلت قوات مسلحة لتحيط بالجزيرة وتمنع وصول أي أحد إليها.
وعقب تصريح لرئيسة الوزراء التركية آنذاك، تانسو تشيلر قالت فيه إن “العلم سوف يزال والجنود سوف ينسحبون” ترأست اجتماع أزمة في العاصمة أنقرة وأعطت الأوامر للقوات المسلحة التركية بالاستعداد لـ”الحرب” وأمرت بتنفيذ عملية إنزال عسكري على الجزيرة.
وفي جانفي عام 1996 نجحت قوات النخبة التركية في القيام بعملية إنزال سرية وتمكنت من التسلل والسيطرة على جانب من الجزيرة ورفعت العلم التركي عليها، وعلى الرغم من أن العملية كانت سرية ولم يحصل خلالها اشتباك مسلح، إلا أن مروحية يونانية سقطت خلال تحركها في المنطقة وقتل ثلاثة طيارين. ومع بزوغ الفجر ووصول خبر السيطرة على الجزيرة من القوات التركية، كادت تشتعل حرب واسعة بين البلدين.
ولتفادي ذلك، بدأت محاولات دولية واسعة لتجنب توسع المواجهة قادها بالدرجة الأولى الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون، وعقب ساعات من الإتصالات توصل الجانبان إلى اتفاق ينص على سحب القوات من البلدين وإنزال علمي البلدين بالتزامن من الجزيرة، وهو ما جرى بالفعل في صباح اليوم التالي من العملية.
حزب العدالة والتنمية
طبعا مع قدوم حزب العدالة لحكم تركيا هدأ الخلاف قليلا وحتى أنه تم فتح عدة أبواب للحوار والمفاوضات لحل مشاكل الجزر بين الدولتين، لكن في كل مرة تنكث اليونان الحوار وتهرب من على الطاولة مما يزيد التوتر مره أخرى.
هل تنتهي معاهدة لوزان في 2023؟ في الحقيقه لا. لأن معاهدة لوزان تم رسمها ولم يتم وضع تاريخ محدد لانتهاءها، لكن عندما نقول أنها ستنتهي في 2023، ذلك لأن تركيا تخطط في 2023 لتعديل بعض بنود اتفاقية لوزان وتحديثها، خصوصا وأن بعض بنودها كانت مجحفة بحق تركيا، وهذا ما قاله أردوغان سابقا.
تابعوا آخر أخبار إسبانيا على تطبيق جوجل أخبار
إسبانيا بالعربي