معضلة إسبانيا الإدارية التي تعيق جهود محاربة فيروس كورونا
سلّطت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في عددها الصادر، اليوم الإثنين، الضوء على خطاب رئيس الحكومة الإسباني، بيدرو سانتشيث، إلى شعبه للمرة الأولى منذ ذروة أزمة تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) في إسبانيا بمطلع الصيف الجاري، والذي أوضح فيه أن المسئول الأكبر عن معالجة الأزمة ليس هو، بل الحكومات المحلية.
تقليص صلاحيات المركز
واستهلت الصحيفة تقريرًا لها في هذا الشأن، نشرته على موقعها الإلكتروني- بالقول إن إدارة سانتشيث بقيادة الاشتراكيين لجأت خلال الأشهر الماضية إلى فرض سلطات الطوارئ للحفاظ على قرارات الإغلاق للسيطرة على تفشي الوباء، بما اعتبر أنه تجاهل للحكومات المحلية من أجل تقليل معدلات الإصابة بالعدوى. وكانت التكلفة السياسية باهظة، لكن في هذه المرة، يصر رئيس الحكومة على أن المزيد من العبء يجب أن يقع على عاتق نظام الحكم اللامركزي في إسبانيا، وليس الإدارة المركزية.
إشراك حكومات الأقاليم
وأكد سانتشيث في الأسبوع الماضي أن الحكومات المحلية ينبغي أن تملك القدرة على إدارة حالة الطوارئ الصحية، لا سيما وأن معدلات عودة انتشار الفيروس في إسبانيا فاقت كثيرًا أي مكان آخر في أوروبا خلال الأسابيع الماضية. مما جعل خصومه يتهمونه بالتهرب من المسئولية عن تفاقم الأزمة.
أوضحت الصحيفة أن سانتشيث يجادل بأن الأمر متروك لإدارة كل منطقة على حدة، لأن تطلب من الحكومة المركزية منحها سلطات الطوارئ إذا لزم الأمر لمناطق معينة. فيما يؤكد سياسيون محليون بأن الاستجابة الوطنية مطلوبة وأن الإدارة المركزية عليها تحمل المسئولية.
قالت الزعيمة اليمينية في منطقة مدريد إيسابيل دياث أيوسو: “لا يمكن أن تكون الحكومة المركزية غائبة، فالتخلّي عن مسئوليتها سيؤدي إلى عودة انتشار الوباء ويعيدنا إلى نقطة الصفر”.
ارتفاع معدل الإصابات
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن عدد الحالات اليومية لمصابي “كوفيد- 19″، خلال الأيام الـ14 الماضية بلغ متوسط 205 حالات لكل 100 ألف من السكان، مقارنة بـ23 حالة في المملكة المتحدة و22 في إيطاليا و85 في فرنسا و21 في ألمانيا. كما وصل المعدل في منطقتين من مدريد إلى مستوى تجاوز الـ800 حالة.
وسجلت إسبانيا الجمعة الماضية ما يقرب من 10 آلاف حالة جديدة يومية، أي أكثر من أي إجمالي يومي سجلته إسبانيا في الربيع الماضي- على الرغم من تأكيد المسئولين أن معدلات الكشف عن الفيروس أعلى بكثير، وأن معدلات دخول المستشفيات والوفيات أقل بكثير مما كانت عليه في ذلك الوقت.
معضلة اللامركزية
يقول ناتشو توريبلانكا، رئيس مكتب مدريد التابع للمجلس الأوروبي لقسم العلاقات الخارجية، في تصريحات خاصة للفاينانشيال تايمز: “عندما تكون لديك مشكلة هيكلية في مؤسساتك، فإنك تحتاج إلى المزيد من القيادة، وليس أقل.. لا سيما ونحن لدينا نظام شديد اللامركزية”.
وتابعت الصحيفة البريطانية تقول: “إن هذه اللامركزية تطبق في إسبانيا بشكل خاص على السياسات الصحية. فلما يقرب من عقدين من الزمن، تمكنت 17 منطقة في البلاد من إدارة الرعاية الصحية؛ لكن في العام الماضي، قلّصت ميزانيتها المجمعة البالغة 62 مليار يورو نفقات الحكومة المركزية البالغة 6 مليارات يورو. وأصبحت وزارة الصحة الوطنية تمتلك حوالي 500 موظف فقط”.
تحويل الصلاحيات
فقد بدأ التحول في الموارد في عام 1981، مع نقل الكفاءات الصحية إلى كاتالونيا. لكن تم إنهاؤه في عام 2001، وتولت آخر 10 مناطق، بما في ذلك مدريد، مسؤولية عشرات المستشفيات وعشرات الآلاف من الموظفين.
وعلى الرغم من أن البلد رسميًّا لديه نظام صحي واحد، إلا أنه بعيد كل البعد عن الوحدة. ففي خلال ذروة فترات الأزمة، كانت المناطق مترددة في نقل المرضى والطاقم الطبي لتخفيف الضغط في أماكن أخرى- على الرغم من شحن المواد عبر البلاد، وأحيانًا إلى استياء الحكام، وفقا لقول الصحيفة البريطانية.
المصدر: الدستور.
تابعونا على