من عبق التاريخ

مدن أندلسية: قرمونة من أجمل رقاع الأندلس وأخصبها

أخبار إسبانيا بالعربي – تقع مدينة قرمونة بالإسبانية “Carmona” على مقربة من جنوبي نهر الوادي الكبير، في شمال شرقي مقاطعة إشبيلية في إقليم الأندلس، على بعد اثنين وثلاثين كيلو متراً منها، في بسيط من الأرض، وافرة الخضرة والخصب، كباقي تلك الرقعة الكبيرة اليانعة التي يحتضنها الوادي الكبير في حنيته نحو الشرق، والتي تغمرها غابات الزيتون، وحقول القمح النضرة، وتعتبر بجمالها من أجمل رقاع الأندلس وأخصبها.

فتحها المسلمون في أوائل الفتح الإسلامي للأندلس عام (٧١٣ م) بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير

قال عنها الإدريسي :”قرمونة هي مدينة كبيرة يضاهي سورها سور اشبيلية, وهي حصينة وعلى رأس جبل حصين منيع وعلى فحصٍ مُمتد جَيّدُ الزراعَاتِ.”

وقال عنها إبن حيان: “حصن قرمونة من أمنع حصون الأندلس”

وقد كانت قرمونة أيام الدولة الأندلسية من أهم وأمنع مدن ولاية إشبيلية وتنوره الرواية الأسلامية بعراقة قرمونة وحصانتها، وتنوره بالأخص ببابها الشهرين الباقيين إلي اليوم وهما: باب إشبيلية وباب قرطبة.

وقد قامت بها أيام الطوائف مملكة “بني برزال” البربرية وكانت معاقلهم بمنطقة المسيلة بالجزائر قبل هجرتهم إلى الأندلس في عهد الخليفة الحسن المنتصر، وقد ولاهم الحاجب المنصور قرمونة نظير مساندته في إقامة دولته، ثم افتتحها بنو عباد، وضمت إلى مملكة إشبيلية، وظلت تابعة لإشبيلية حتى عهد المرابطين والموحدين الذين رمموا سورها وأصلحوا من شأنها وبنوا الأبراج الدفاعية لأنهم يدركون الأهمية القصوى لهذا الموقع الذى يربط بين قرطبة وإشبيلية وبين غرناطة وطليطلة وظلت طيلة المدة محافظة على مركزها وقوتها.

واستمرت تلعب دورها في تلك المنطقة من الأندلس الوسطى لمدة 54 سنة، حتى استولى عليها فرناندو الثالث ملك قشتالة في سنة (١٢٤٧ميلادية)، قبيل استلائه علي إشبيلية بأشهر قلائل.

وقرمونة مدينة كبيرة، يبلغ سكانها نحو أربعين ألفاً، وقد بنيت أحياؤها الوسطى في بطن الوادي، وأحياؤها الجانبية من الناحيتين الشرقية والغربية علي ربوتين صاعدتين، علي هيئة ضلعي مثلث. والقسم القديم من المدينة، وهو الذي يحتل مكان المدينة الأندلسية، يبدو أنه هو المحصور ما بين باب إشبيلية جنوباً وباب قرطبة شمالًا، وتقع في داخلها ووسطها الكنيسة العظمي.

أما المدينة الحديثة، فتمتد غربًا من باب إشبيلية حتى المقابر الرومانية التي تقع عند مدخل المدينة. وتخترق المدينة الداخلية شوارع طويلة ضيقة، وبها السوق الكبير، وهي تبدو علي العموم ذات طابع أندلسي واضح

ومن أثار مدينة قرمونة الإسلامية:

نجد المسجد الجامع الكبير الذي يشبه الخيرالدا بإشببلية ومنارته تشبه إلى حد كبير جامع قرطبة

كما نجد سور المدينة الحصين الذي ماتزال بقاياه شاهدة حتى اليوم، وبوابات المدينة الأربعة التي تشهد على عمق الحضارة الإسلامية الضاربة في عمق التاريخ البشري في الأندلس، كما توجد بقايا العديد من الأبراج من زمن الفينيقيين قام بإعادة ترميمها المسلمين نسبة لأهمية هذا الموقع.

باب قرطبة
باب قرطبة بمدينة قرنونة

اتجه القشتاليين نحو مدينة قرمونة بقيادة فرناندو الثالث وحاصروها وضيقوا عليها الخناق وإستبسل أهلها وما كانت المدينة لتسقط لولا الخيانة التى أقدم عليها بني الأحمر إنضموا الصليبيين فى حصارهم لقرمونة فيئس أهلها وطلبوا الأمان لهم ولعوائلهم وخرجوا من المدينة التي تمكن الصليبيين من دخولها في (١٢٤٧ م) لينفتح الطريق على مصرعيه نحو إشبيلية عاصمة الإقليم التي سقطت بعد أشهر من سقوط قرمونة المدينة الإستراتيجية الهامة.

المصادر: الآثـٰار الأندلسية الباقية في اسبانيا والبرتغال
(دراسة تاريخية أثرية) محمد عبد الله عنان / الروض المعطار( صفة جزيرة الأندلس)

تابعونا على تويتر

موقع إسبانيا بالعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *