من هم بنو الأحمر (بنو نصر) آخر السلالات التي حكمت غرناطة في الأندلس؟
أخبار إسبانيا بالعربي – بنو الأحمر، أو بنو نصر، أو النصريون هم أسرة حكمت غرناطة في أواخر العصر الأسلامي بالأندلس حتى سقوط غرناطة في عصر آخر ملوك بني الأحمر أبو عبد الله محمد عام 1492 م. وهي آخر أسرة عربية إسلامية حكمت في الأندلس، وكان ذلك في غرناطة ما بين 38/1232-1492م.
يقال أن سبب تسمية بنو نصر ملوك غرناطة بإسم بني الأحمر يرجع إلى شقرة فيهم، وأول من تلقب بالأحمر جدهم الأكبر عقيل بن نصر وذلك لشقرة فيه. وقد استمر ظهور هذا اللون في بعض أفراد هذه الأسرة مثل أبو عبد الله محمد السادس (1320 – 1362) الذي تطلق عليه المصادر الإسبانية لقب البرميخو ومعناه اللون البرتقالي الضارب إلى الحمرة وهو لون شعره ولحيته.
أعلن محمد بن نصر بن الأحمر (1232-1273 م) سنة 1232م نفسه سلطانا في أرجونة، واستولى بعدها على العديد من المناطق والمدن جنوب الأندلس (غرناطة ومالقة: 1238 م). استطاع هو وابنه من بعده محمد الثاني (1273-1302 م) أن يدعما أركان دولتهم. كان هذا عن طريق اعترافهم ضمنيا بسيادة مملكة قشتالة عليهم.
عرف سلاطين بني الأحمر كيفية لعب سياسة التوازن ليجتنبوا المواجهة مع المرينيين حكام المغرب من جهة، والقشتاليين حكام إسبانيا من جهة أخرى. وقد بلغت الدولة أوجها الثقافي وأصبحت مملكة غرناطة مركزاً للحضارة الإسلامية في الأندلس. بعد سنة 17/1408 م بدأت مرحلة السقوط. دخل العديد من الأفراد في صراع داخلي على السلطة، كانوا يلجؤون أحيانا إلى الملوك القشتاليين لطلب المساعدة.
التأسيس
أسس محمد بن يوسف بن نصر دولة بني الأحمر في غرناطة جامعا تحت حكمه ما تبقى من التراث الأندلسي وينتسب محمد إلى سعد بن عبادة زعيم الأنصار رأى فيه الأندلسيون الأمل في انقاذ الأندلس من الانهيار واختار غرناطة لتكون عاصمة لملكه.
واضطر تحت الضغط الإسباني العنيف على مملكته أن يتخلى عن عدة مدن أهمها جيان مسقط رأسه وأن ينضم تحت لواء ملك قشتالة وأن يصبح أحد تابعيه ويلتزم بمساعدته عند الحرب وهو ما حدث فعلا عندما ساعده على الاستيلاء على إشبيلية.
وضم بن الأحمر إلى مملكته كل ما تبقى من أشلاء الدولة الأندلسية حيث ضم مالقة وجبل طارق وجزيرة طريفة والجزيرة الخضراء وأسس مملكة استمرت حوالي القرنين و نصف من 1232 إلى 1492 وتوفي محمد بن نصر الملقب بالغالب في 671 هجرية 1273م
أشهر ملوك بنو الأحمر
خلف ابن نصر ابنه محمد الثاني المعروف بالفقيه الذي رأى دفعا للضغط الإسباني أن يكرر ما فعل ملوك الطوائف وأن يستعين بملوك المغرب [بني مرين] واستطاعت الجيوش الاسلامية أن تعيد ذكرى انتصارات المسلمين عند استجة وأجبرو ملك قشتالة الفونسو العاشر على طلب الصلح. ونتيجة للتحالف الإسلامي بين أسرتي بني الأحمر وبني مرين، تحالفت الممالك المسيحية الثلاث في شبه الجزيرة الأيبيرية وهي قشتالة وأراغون والبرتغال، وإعلنت الحرب على المسلمين.
حيث وقعت معركة دموية سنة 1292م بمنطقة جزيرة طريف، انتهت بانتصار الصليبيين واستعادتهم للمدينة التي انطلقوا منها لمحاصرة الجزيرة الخضراء.
وخلف محمد الفقية عند وفاته في 701 هجرية 1302 م محمد الثالث الملقب بالمخلوع. الذي استنجد بالمرينيين الذين عبروا المضيق مرَّةً أخرى، وأجبروا الصليبيين على الانسحاب من الجزيرة الخضراء سنة 1310م.
أما بعد ذلك فمن أعظم الحكام الذين تعاقبوا على غرناطة اثنان هما أبو الوليد إسماعيل منذ عام 713 إلى عام 725 هجري الموافق ل 1314-1325م الذي حقق انتصار كبير على ملك قشتالة شانجو الرابع في “معركة جبل إلبيرة” التي قتل فيها أميران قشتاليان، هما دون بيدرو ودون خوان.
ولا تزال ذكرى هذه المعركة منقوشة على إحدى بوابات “جنة العريف” داخل قصر الحمراء، كما استعاد إسماعيل الأول من القشتاليين “باثة”، و”أرش (أورثي)” و”غليرة”، و”وشقة” التي شهدت معركةً لها دلالة بالغة، تمثلت في استعمال مدافع البارود لأوَّل مرة في أوروبا.
أما الثاني من كبار الملوك في غرناطة أبو الحجاج يوسف الأول الذي حكم من 725-755 هجرية / 1325-1354 م وفي عهده انتهت مساعدات بني مرين إلى الأندلس بعد “معركة طريفة” الشهيرة سنة 1340م، التي شارك فيها أربعة ملوك، هم: ألفونسو الحادي عشر ملك قشتالة، وألفونسو الرابع ملك البرتغال، وأبو الحسن المريني سلطان المغرب، ويوسف الأول سلطان غرناطة.
وقد مني المسلمون في المعركة بهزيمة قاسية، أجبرت المرينيين على الانسحاب بشكل شبه نهائي من الأندلس، وبات واضحا على الأندلسيين أن يواجهوا مصيرهم بأيديهم وكانت آفة دولة بني الأحمر هي تصارع أفراد البيت الحاكم على الحكم واستعانتهم بجيوش قشتالة ضد بعضهم البعض.
اتخذ بنو نصر من اللون الأحمر شعارًا لهم في لون قصورهم وخيامهم، والورق الذي يكتبون عليه رسائلهم وأوامرهم السلطانية، وفي ملابسهم وأزيائهم، كذلك جعلوا اللون الأحمر لونًا لأعلامهم وراياتهم.
الإنهيار
بعد وفاة أبو الحجاج يوسف توالى على حكم غرناطة العديد من الملوك الضعاف حتى وصل الحكم إلى محمد بن أبي الحسن علي الذي كان ألعوبة في أيدي النساء مما تسبب في ثورة شقيقه الملقب بالزغل وابنه أبو عبد الله محمد الذي وقع في الأسر بعد إحدى المعارك لمدة عامين وبدأ أن السقوط أصبح وشيكا بسبب انقسام المملكة إلى أجزاء متحاربة وتحالف ملوك إسبانيا من أجل القضاء على ما تبقى من الأندلس.
فزواج فرناندو الثاني وايزابيلا ملكي قشتالة وأراغون واتحاد مملكتيهما عام 1479م بعد 10 سنوات من زواجهم كان بمثابة بداية النهاية لدولة بنو الأحمر و توالى سقوط المدن الأندلسية في يد الملكين الكاثالوكيين وفي نهاية المطاف تم استسلام أبو عبد الله محمد ومعه غرناطة في نوفمبر 1491 وتم التسليم في يناير 1492 وبذلك انتهت قصة المسلمين والإسلام في الأندلس.
الآثار الباقية
من أهم ما تركوه بنائهم لقصر الحمراء الذي يعد بحق معلم تاريخي يشهد على التقدم الذي توصل إليه المسلمون في المعمار وتوجد داخل هذا القصر بهو السباع الأثني عشر.
قصر جنة العريف: يقع جنة العريف في ركن الهضبة المنعزل ويطل على الحمراء، وهو القصر الصيفي لأُمراء غرناطة، فجعلوه لغايات الاستجمام والراحة، تبرز أنظمة توجيه المياه المستخدمة بقوة، لكن الجمال الراقي للحاويات يكمن في الانسجام ودقة توزيع المساحات وتصميم ورعاية الحدائق والباحات والمسابح.
إسبانيا بالعربي.