لئن أرعى الإبل لابن تاشفين خيرٌ لي من أن أرعى الخنازير لألفونسو..
بعد أربعة قرون من حكم المسلمين للأندلس وصلوا لحالة من الضعف الشديد والتشرذم حتى تحولت الأندلس الى قرابة اثنين وعشرين إمارة يحكمها اثنين وعشرين حاكماً، كل واحد فيهم يدعي أنه أمير المؤمنين.
وكانت بينهم صراعات شديدة على الحكم حتى أن بعضهم كانوا يستنجدون بالصليبيين لمعاونتهم ضد المسلمين في الإمارات الأخرى.
ووصل الحال بأغلب هؤلاء الحكام إلى أنهم كانوا يدفعون الجزية للصليبيين!
طالع أيضا: استجة Ecija المدينة الأندلسية المنسية..
وكان المعتمد بن عباد يحكم إشبيلية، وكان يدفع الجزية لألفونسو السادس ملك قشتالة، وعندما جاءه ذات يوم وزير ألفونسو لأخذ الجزية، أساء الأدب مع المعتمد، فغضب المعتمد وقتل الوزير، وعندما علم ألفونسو السادس بقتل وزيره، غضب وسار إلى أشبيلية وحاصرها بجيشه، وبعث إلى المعتمد بن عباد يخبره أنه سيمكث هنا ولا يوجد ما يضايقه سوى الذباب، ويأمره أن يبعث له بمروحة ليروح بها الذباب، فلما وصلت هذة الرسالة إلى المعتمد قلبها وكتب على ظهرها :
“والله لئن لم ترجع لأروحن لك بمروحة من المرابطين”.
ثم قال قولته الشهيرة :
( لئن أرعى الإبل لابن تاشفين خيرٌ لي من أن أرعى الخنازير لألفونسو)
وبالفعل استعان المعتمد بـ يوسف بن تاشفين سفر الذي جهز جيشًا من سبعة الاف مقاتل واستعد لعبور البحر وحدثت عاصفة اثناء عبوره البحر بجيشه فدعا ربه قائلا :
( اللهم إن كنت تعلم أن جوازي هذا خيرًا وصلاحًا للمسلمين فسهل علي جواز هذا البحر، وإن كان غير ذلك فصعبه علي حتى لا أجوزه)
وعبر البحر وانضم لجيشه الكثير من مسلمي الأندلس حتى صار الجيش ثلاثين الف مقاتل…
طالع أيضا: هجرات الأندلسيين إلى منطقة الريف شمال المغرب و أشهر العائلات الأندلسية فيها
وكان جيش الصليبيين قوامه ستين الف مقاتل…
اجتمع الجيشين في موقعة الزلاقة عام 479 هجرية الموافق 1086 ميلادية… وانتصر المسلمون انتصارا ساحقا أفنوا فيه جيش الصليبيين بالكامل عدا قلة قليلة هربوا وكان منهم الفونسو الذي قُطعت رجله. وكانت الزلاقة من أعظم معارك المسلمين عبر التاريخ .. فبسببها ولقوة جيش المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين استمر الاسلام في الأندلس لأربعة قرون أخرى بعد أن كاد الصليبيون ينهون وجود المسلمين في عهد ملوك الطوائف. بعد هذا النصر عاد يوسف بن تاشفين إلى المغرب الأقصى، وترك حامية مرابطية قُدّرت بثلاثة آلاف مقاتل، على أنه قرر العودة في عام 483هـ حين رأى المشكلات الجمة، الدينية والاجتماعية، والضعف العسكري والسياسي، وعودة بعض ملوك الطوائف إلى التحالف مع ألفونسو ضد المرابطين أنفسهم، “فما نهضت عليه الأدلة، وأكده رسله يومئذ، هو أن المعتمد بن عباد، وعبد الله بن بلقين أمير غرناطة وغيرهما من أمراء الطوائف، قد عقدوا مع ملك قشتالة اتفاقات سرية، يتعهدون فيها بالامتناع عن معاونة المرابطين بالمال والمؤن، وبالانضواء تحت لواء ألفونسو وحمايته”. فقرر يوسف بن تاشفين القضاء على هؤلاء الملوك وضم الأندلس إلى دولة المرابطين بعد استفتاء رأي كبار علماء الأمة حينها كالإمام الغزالي وغيره وهو تم له، فسقطت غرناطة ثم إشبيلية والجزيرة الخضراء وبقية المدن الأندلسية بعد محاولة فاشلة لاسترداد طليطلة، وتمكن من أسر عدد من هؤلاء الملوك وعلى رأسهم المعتمد بن عبّاد، الذي أنزل به يوسف بن تاشفين عقوبة النفي إلى مدينة أغمات بالقرب من مراكش في المغرب الأقصى. ومن أشهر القصائد التي تصف حاله وحال بناته بعدما زال ملكه, هي عندما جاءته بناته في العيد يزرنه وهو في اسره ورأى حالتهن وبؤسهن وقال
فيما مضى كنت بالأعياد مسـرورا ,, وكان عيـدك باللـذات معمـورا
وكنت تحسب أن العيـد مسعـدةٌ ,,, فساءك العيد في أغمـات مأسـورا
ترى بناتك فـي الأطمـار جائعـةً ,, في لبسهنّ رأيت الفقـر مسطـورا
معاشهـنّ بعيـد العـزّ ممتـهـنٌ ,, يغزلن للنـاس لا يملكـن قطميـرا
برزن نحـوك للتسليـم خاشعـةً ,, عيونهـنّ فعـاد القلـب موتـورا
قد أُغمضت بعد أن كانت مفتّـرة ً ,, أبصارهـنّ حسيـراتٍ مكاسيـرا
يطأن في الطين والأقـدام حافيـةً ,, تشكو فراق حذاءٍ كـان موفـورا
قد لوّثت بيد الأقـذاء اتسخـت ,, كأنها لـم تطـأ مسكـاً وكافـورا
لا خدّ إلا ويشكو الجدب ظاهـره ,, وقبل كان بمـاء الـورد مغمـورا
لكنـه بسيـول الحـزن مُختـرقٌ ,, وليس إلا مـع الأنفـاس ممطـورا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُـه ,, ولست يا عيدُ مني اليـوم معـذورا
وكنت تحسب أن الفطـر مُبتَهَـجٌ ,, فعـاد فطـرك للأكبـاد تفطيـرا
قد كان دهـرك إن تأمـره ممتثـلاً ,, لما أمرت وكـان الفعـلُ مبـرورا
وكم حكمت على الأقوامِ في صلفٍ ,, فـردّك الدهـر منهيـاً ومأمـورا
من بات بعدك في ملكٍ يسـرّ بـه ,, أو بات يهنـأ باللـذات مسـرورا
ولم تعظه عوادي الدهر إذ وقعـت ,, فإنما بات فـي الأحـلام مغـرورا
المصدر: خزانة الأندلس / موقع إسبانيا بالعربي