اشترك في قناتنا على الواتساب
انقر هنا
الموسوعة

مصطفى كمال أتاتورك: مؤسس تركيا الحديثة وصانع التحول من الخلافة إلى الجمهورية

ولد مصطفى علي رضا في 19 مايو 1881م في مدينة سالونيك اليونانية، والتي كانت تابعة للدولة العثمانية حينها، التحق بمدرسة دينية تقليدية ثم دخل مدرسة حديثة ثم المدرسة العسكرية عام 1893. أظهر نبوغًا دراسيًا دفع أحد أساتذته أن يطلق عليه اسم «كمال» فأصبح اسمه مصطفى كمال.

نشأته ومراحل حياته

في عام 1905م تخرج في الكلية العسكرية في إسطنبول برتبة نقيب أركان حرب وأُرسل إلى دمشق حيث بدأ مع العديد من زملائه بإنشاء خلية سرية أطلق عليها اسم «الوطن والحرية» لمحاربة الخلافة الإسلامية، كان أنصاره حينها يقولون إنها بسبب (استبداد السلطان العثماني) وكان لهذا التيار اتجاه آخر أو مؤسسة أخرى تسمى جمعية الاتحاد والترقي.

وفي نفس الوقت لكسب قلوب الناس وحبهم اجتهد في الحصول على الترقيات وأوسمة النصر كقائد بارز في الجيش العثماني، وذلك ببطولاته في كافة أركان الإمبراطورية العثمانية بما فيها ألبانيا وليبيا، كما خدم فترة قصيرة بصفته ضابط أركان حرب في سالونيك وإسطنبول وملحقًا عسكريًا في صوفيا.

مما يظهر الجزء الجيد من شخصيته والذي يتحدث عنه محبوه حتى من التيارات الأخرى غير العلمانيين في تركيا.

مصطفى كمال أتاتورك: مؤسس تركيا الحديثة وصانع التحول من الخلافة إلى الجمهورية
مصطفى كمال أتاتورك في لببيا وعن يمينه الشيخ أحمد الشريف السنوسي وزوجة أتاتورك

أتاتورك قائد عسكري

اجتهد أتاتورك في تكملة المسيرة في حملة الدردنيل عام 1915 حيث أصبح الكولونيل مصطفى كمال بطلًا وحقق انتصارات متلاحقة. وأخيرًا رد الغزاة إلى أن تمت ترقيته إلى رتبة جنرال عام 1916م وهو بعمر 35 سنة.

وفي نفس السنة قام بتحرير شرق أنطاكيا وفي السنتين التاليتين خدم قائدًا للعديد من الجيوش العثمانية في فلسطين وحلب وحقق نصرًا آخر عندما أوقف تقدم أعداء العثمانيين عند حلب.

في مايو 1919 نزل مصطفى كمال في ميناء البحر الأسود في محافظة سمسون (samsun) لبدء ما أسماه «حرب الاستقلال».

تاريخ: عبد الرحمن الداخل: صقر قريش ومؤسس الدولة الأموية في الأندلس

أعلن الحرب على السلطان محمد السادس في حرب سماها «حرب الاستقلال لتحرير الأناضول المحتل» ورفض أوامر السلطان بالعودة إلى إسطنبول المحتلة من البريطانيين، فاستقال من الجيش وبدأ في مايو 1919 تنظيم «جيش التحرير» حيث قاتل اليونانيين والبريطانيين والفرنسيين والإيطاليين تحت قيادته، حتى تمكن 1922 من طرد المحتلين.

كسب بهذا الانتصار شهرة في كل العالم الإسلامي الذي نظر إليه باعتباره بطلًا مسلمًا، لا سيما وأنه استعان بالرموز الدينية وعلماء الدين في حشد الناس للقتال معه وانهالت عليه برقيات التهاني من البلدان الإسلامية وتنبه إليه الغرب وكتب عنه الإعلام هناك، ما زاده شهرة وتأثيرًا.

أتاتورك وإسقاط الخلافة

خلال معارك التحرير في عام 1920 أسس «المجلس الوطني» في أنقرة من ممثلي القوى الشعبية المشاركة في الحرب ليتحول إلى حكومة موازية لقيادة الخلافة الإسلامية بقيادة السلطان محمد السادس في إسطنبول، وفي عام 1921 أصدر المجلس ما سماه القانون الأساسي الذي صدر مع إعلان النصر والتحرير في نوفمبر 1922 وتم فصل الخلافة عن السلطة وبذلك تكون قد قطعت روابط الإدارة في الدولة العثمانية، وتم قبول إدارة الجمهورية للبلاد في 13 أكتوبر 1923 وانتخب أتاتورك أول رئيسٍ للجمهورية.

هذا بالطبع بعد معاهدة لوزان التي وقعتها حكومة أتاتورك في يوليو 1923 التي أعطت له حق قيادة تركيا كجمهورية باعتراف دولي.

فأعلن في 29 أكتوبر ولادة الجمهورية التركية وألغى الخلافة «عيد الاستقلال» وأعلن رئيسًا وجعل أنقرة عاصمة للدولة الجديدة بدلًا من إسطنبول.

بدأ حينها أتاتورك بإجراءات تغيير هوية تركيا ومعالمها الإسلامية – سأذكرها لاحقًا – التي ظلت عاصمة للخلافة الإسلامية على مدار قرون وبدأت هذه الإجراءات بطرد الخليفة وأسرته من البلاد وكتب آخر فصول الخلافة الإسلامية التي استمرت من عهد النبوة وحتى هذا اليوم.

مصطفى كمال أتاتورك: مؤسس تركيا الحديثة
مصطفى كمال أتاتورك رفقة زوجته لطيفة هانم

جهوده في محاربة الإسلام والمسلمين

كانت كراهية أتاتورك للإسلام واضحة حتى قبل أن تسقط الخلافة، فقال عنه الكاتب أرمسترونج «ولطالما أوضح لأصدقائه أنه يرى وجوب اقتلاع الدين من تركيا».
«كان التحديث بالنسبة له – أي أتاتورك – يعني تغريب وعلمنة المجتمع التركي وتحرير القطر من تأثير الإسلام والشرق ومن مظاهر الثقافة العربية».

تاريخ: موسى بن ميمون.. أن تكون يهوديًّا في دولة الخلافة الإسلامية

بدأ أتاتورك بتنفيذ البنود والاتفاقات التي اتفق عليها في معاهدة لوزان تعرف بشروط «كرزون» الأربعة نسبة إلى رئيس الوفد الإنجليزي وقت توقيع المعاهدة.

وهي الآتي:

  1. قطع كل صلة لتركيا بالإسلام
    حيث أُلغيت وزارة الأوقاف وتم تحويل مهامها إلى وزارة المعارف. أُغلقت المساجد وقضت الحكومة على كل تيار ديني وواجهت كل نقد ديني بأنه محاولة إثارة العنف والبلبلة والفوضى. تم تحديد عدد المساجد ولم يسمح بغير مسجد واحد في كل دائرة من الأرض يبلغ محيطها 500 متر وأعلن أن الروح الإسلامية تعوق التقدم.

تم منع الأذان من المآذن بحجة عدم إيذاء الشعب بالأصوات العالية. تم تخفيض عدد الواعظين الذين تدفع لهم الدولة أجورهم إلى ثلاثمائة واعظ، وأمرهم أن يفسحوا في خطبة الجمعة مجالًا واسعًا للتحدث عن الشؤون الزراعية والصناعية وسياسة الدولة وتبدأ الخطبة وتنتهي بمدح أتاتورك.

أغلق أشهر جامعين في إسطنبول حيث حول مسجد آيا صوفيا إلى متحف ومسجد الفاتح إلى مخزن للقمامة (مستودع). تم تغيير التقويم الهجري واستخدم التقويم الميلادي كان هذا عام 1342هـ حيث حل محله عام 1926م.

أعدم كل من كان يرتدي الزي الإسلامي حينها (العمة وتم استبدال الكاب والطربوش بها – البناطيل القماش ذات الحجر الكبير تم منعها). تغيير هيئة الشيوخ والوعاظ حينها (اللحية تم استبدال «حلقة الدوجلاس» بها…). تغيير الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية.

غيرت الحكومة العطلة الرسمية فبدل الجمعة أصبحت العطلة الرسمية يوم الأحد وأصبحت عطلة نهاية الأسبوع تبدأ منذ ظهر يوم السبت وتستمر حتى صباح يوم الاثنين. تم إلغاء الحجاب في الشوارع العامة وقوامة الرجل على المرأة باسم الحرية والمساواة وشجع الحفلات الراقصة والمسارح المختلطة والرقص.

أمر أتاتورك بترجمة القرآن إلى اللغة التركية ففقد كل معانيه ومدلولاته، وأمر أن يكون الأذان باللغة التركية.

صدرت كل الكتب التي طبعت في عهد الخلافة إلى مصر، وفارس، والهند، وهكذا قطعت حكومة تركيا كل ما بين تركيا وماضيها الإسلامي من ناحية، وما بينها وبين المسلمين في سائر البلدان العربية والإسلامية من ناحية أخرى.

  1. إلغاء الخلافة الإسلامية إلغاءً تامًا
    إعلان تركيا جمهورية.
  2. إخراج الخليفة وأنصار الخلافة والإسلام من البلاد ومصادرة أموال الخليفة.
  3. اتخاذ دستور مدني بدلًا من دستور تركيا القديم
    الشريعة الإسلامية استبدل بها القانون المدني، أخذته حكومة تركيا عن القانون السويسري. تم تغيير نص القَسَم الذي يُقسمه رجال الدولة عند توليهم لمناصبهم من أن تركيا دولة إسلامية دينها الأساسي الإسلام ودستورها القرآن وسنة النبي وأصبحوا يقسمون بشرفهم على تأدية الواجب بدلًا من أن يحلفوا بالله كما كان عليه الأمر من قبل.

أهملت الحكومة التعليم الديني في المدارس الخاصة ثم تم إلغاؤه بل إن كلية الشريعة في جامعة إسطنبول بدأت تقلل من أعداد طلابها وأغلقت عام 1933.

اهتمت الحكومة بكل ما هو أوروبي فازدهرت الفنون وأقيمت التماثيل لأتاتورك في ميادين المدن الكبرى وزاد الاهتمام بالرسم والموسيقى ووفد إلى تركيا عدد كبير من الفنانين أغلبهم من فرنسا والنمسا.

تم تغيير المناهج الدراسية وأعيد كتابة التاريخ من أجل إبراز الماضي التركي القومي، وجرى تنقية اللغة التركية من الكلمات العربية والفارسية، واستبدل بها كلمات أوروبية أو حثية قديمة.

«كان الفقر يعم كل مكان، بل شحت البضائع الضرورية واختفت من الأسواق وثقلت الضرائب ، وماتت الماشية لقلة العلف، وأتلف الجدب الحاصلات الزراعية، وصارت الحياة عبئًا لا يطاق بعد أن بلغت الفاقة والعوز حدًّا لم يسمع بمثله من قبل».

وفاته

توفي في 10 نوفمبر 1938 بعد معاناة شديدة مع أمراض عدة أصابته ونشرت الوثيقة الطبية الخاصة به قبل وفاته والتي أعلنت أن مصطفى كمال أتاتورك قد أصيب في شبابه بمرض السيلان الذي لم يكن له علاج أكيد في ذلك الوقت، ثم أصيب بمرض سنة 1917 لم يعرف ماهيته.

وكان يتعرض لآلام شديدة مزمنة، كانت السبب في إدمانه على شرب الخمر مما أدى إلى إصابته بتليف الكبد، والتهاب في أعصابه الطرفية، وتعرضه لحالات من الكآبة والانطواء، وتدهور في المستويات العليا في المخ.

إسبانيا بالعربي.

أخبار جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *