شؤون إسبانية

قمر “لاباث” الاصطناعي للتجسس: عين إسبانيا اليقظة لمراقبة الجيران

دار القمر الاصطناعي الإسباني “La Paz” 14.678 دروة حول الأرض منذ إطلاقه في الفضاء. ويقدم هذا القمر الاصطناعي معلومات حيوية لها علاقة بأمن التشكيلات العسكرية الإسبانية التي تقوم بمهام في الخارج.

وحسب معلومات حصل عليها موقع “الكونفيدينثيال ديخيتال” من مصادر في وزارة الدفاع الإسبانية، فإن قمر “لاباث” الاصطناعي، الذي يعتبر أول قمر اصطناعي عسكري إسباني خاص بالرصد الأرضي، مزود برادار ذي فتحة اصطناعية، يقدم 33 صورة في اليوم لوزارة الدفاع، وهو يساهم بذلك في الحصول على معلومات استخباراتية عسكرية. وتجدر الإشارة إلى أنه تم إطلاق ذلك القمر الاصطناعي إلى الفضاء عبر الصاروخ فالكون 9 يوم 22 فبراير 2018، إلا أنه لم يدخل الخدمة بالكامل إلا في شهر أكتوبر من السنة نفسها.

ولم يتم الإطلاق إلا بعد أربع سنوات من التأخير واستثمار فاق 160 مليون يورو.

وقد توافر قمر “لاباث” الاصطناعي على الخصائص التالية بتاريخ 14 أكتوبر 2020:

–      أكمل منذ إطلاقه في الفضاء في شهر فبراير 2018، 963 يوما في المدار (سنتين و233 يوما)، محققا نجاحا في مرحلة التحضير في أكتوبر من السنة نفسها.

–      أكمل 14.678 دروة حول الأرض، وهو ما يعادل 633 مليون كيلومترا.

–      وقع في هذه الفترة 3.860 اتصالا مع القمر الاصطناعي انطلاقا من المحطة الرئيسة الواقعة في توريخون دي أردوث (مدريد).

–      ومنذ أن أكمل القمر الاصطناعي مداره، تم تنفيذ ما مجموعه 72 عملية صيانة.

–      ويقدر العمر الافتراضي للساتل بستة أعوام، وهو ما جعل وزارة الدفاع ترى أنه لم يبق سوى أقل من خمسة أعوام على صلاحيته.

وكما جاء في الموقع الإلكتروني الإسباني، منذ سنة خلت، فقد كانت الصور التي يرسلها الساتل حاسمة في تحييد العديد من الأخطار التي شكلت تهديدا لأمن التشكيلات العسكرية الإسبانية التي تقوم بمهام خارج التراب الوطني.

ويُعتبر اللواء، أنطونيو روميرو لوساذا، الذي يشغل منصب مدير مركز الاستخبارات العسكرية، هو المسؤول عن الإدارة التنفيذية للساتل “باث”.

ونجد، من بين المهام التي يقوم بها مركز الاستخبارات العسكرية، توفير الدعم اللازم، في حدود اختصاصه، لعمليات القوات المسلحة. ويقوم أيضا بمهمة توجيه أنظمة الاستخبارات والرصد والتعرف والتنسيق بينها؛ كما يخطط لعمليات المعلومات الجيوفضائية في مجال الدفاع ويوجهها وينفذها.

هيئة هيسديسات هي المكلفة بالإشراف على الساتل “لاباث” الذي يغطي احتياجات لها علاقة بالأمن والدفاع إلى جانب مهام ذات طابع مدني، ويملك تطبيقات في عمليات عسكرية وعمليات مراقبة البنيات التحتية والمواقع الحدودية.

وقد أصبح القمر الاصطناعي يلعب دورا حيويا لمساهمته في تقديم معلومات ثمينة للغاية لصالح أمن التشكيلات العسكرية الإسبانية التي تقوم بمهام في الخارج.

وجدير بالذكر أن إسبانيا لها قوات برية منتشرة، وطائرات وبوارج في مناطق نزاع مختلفة (لبنان، والعراق، مالي، الصومال…). والصور التي يوفرها الساتل تساهم في استباق تحركات المجموعات الإرهابية أو المتمردة.

وساتل “باث” قادر على التقاط 100 صورة يومية بدقة تصل إلى 25 سنتمتر.

وقد أشارت مصادر في هيسديسات لموقع “إلكونفيذينثيال ديخيتال” إلى وجود صور تم تروجيها تجاريا لصالح جهات وطنية وأجنبية.

ويقدم الساتل أيضا منذ 04 أكتوبر 2019 معلومات عن الغلاف الجوي (درجة الحرارة، والضغط والرطوبة)، لكل مصالح الأرصاد الجوية عبر العالم، بدقة تكاد تكون “مطابقة للواقع” عبر نظام الاتصالات الخاص بمنظمة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة.

وتكون إجراءات الرصد الجوي عبر تقنية تسمى “الموجات اللاسلكية المحجوبة”، انطلاقا من ملاحظات تُنْجَزُ عبر النظام العالمي لتحديد المواقع موضوع على حافة الساتل الذي يرسل المعطيات إلى محطة الاستقبال التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في أمريكا الشمالية. وترسل هذه الأخيرة المعطيات إلى المؤسسة الجامعية للبحوث الجوية، حيث يتم تحليل المعطيات ومراقبتها وإرسالها من جديد إلى الإدارة السالفة الذكر التي ترسلها في نهاية المطاف. ويتم إنجاز هذه العملية في أقل من ثلاث ساعات منذ تلقي المعلومات من المدار.

كما يقدم قمر “لاباث” الاصطناعي خدمات ذات قيمة مضافة في مجال الرصد البحري، ورسم خرائط الطوارئ ورصد البنيات التحتية.

ويحمل الساتل فوق سطحه أحدث جهاز للنظام الآلي لتحديد هوية السفن. ويوفر المزج بين المعطيات الملتقطة بشكل متزامن عبر نظام رادار الفتحة الاصطناعية ومستقبل جهاز النظام الآلي لتحديد هوية السفن أفضل رصد ممكن للبيئة البحرية في كل أنحاء العالم.

وقد طورت تلك الأجهزة بالتعاون مع قسم نظرية الإشارة والاتصال التابع لمدرسة البوليتيكنيك العليا في جامعة قلعة هيناريس.

وقد طورت هيسديسات، في مجال عمليات الاستطلاع البحرية، بشراكة مع المؤسسة الوطنية للبحث والتطوير في مجال تكنولوجيا المعلومات وأنظمة الدفاع، جهازا لرصد الاختلالات يعمل بتكنولوجيا النظام الآلي لتحديد هوية السفن، والذي يتيح رصد أي حادث في مجال اهتمام محدد لفترة زمنية معينة.

وتُصنف إسبانيا ثالث دولة أوروبية تملك ساتلا يحمل رادارا ذا فتحة اصطناعية يملك قدرة ودقة عاليتين في ميدان الرصد. وهو ما اعتبر قفزة نوعية للقوات المسلحة الإسبانية، والتي تقلص اعتمادها على حلفاء آخرين يملكون أقمارا اصطناعية، كما كان الحال بالنسبة لفرنسا أثناء أزمة جزيرة ليلى.

وأشار الموقع المذكور سنة 2002 إلى أن إسبانيا اضطرت إلى الاعتماد على أقمار رصد اصطناعية مملوكة لدول حليفة. وقد استطاعت بفضل ذلك التعاون أن تتابع بوجه مطابق للواقع تقريبا تحركات المغرب العسكرية في المنطقة. وقد طلبت في تلك الأثناء من فرنسا مد يد المساعدة إلا أن حكومتها أجابت بأن أقمارها الاصطناعية ليست في إطار الخدمة لحظتها.

ويغطي ساتل “لاباث” مجالا يفوق 300.000 كيلومتر مربع في اليوم، وهو قادر على القيام بخمس عشرة دورة في اليوم حول الأرض، بارتفاع 514 كيلومترا.

ويقول موقع “الكونفيدنثيال” أن إسبانيا قد تجاوزت المغرب في مجال التمكين الفضائي عندما أطلقت في المدار قمرها الاصطناعي “لاباث”. ورغم أن المغرب يملك قمره الاصطناعي التجسسي الخاص به منذ نوفمبر 2017، الذي يحوم حول شبه الجزيرة مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم، إلا أنه يبقى متخلفا تقنيا بالمقارنة مع الساتل الإسباني، حسب الصحيفة.

ولا يستطيع الساتل المغربي الذي يسمى “محمد السادس” الرصد في حالة وجود غيوم في الجو أو أثناء الليل. ويتمتع بقدر محدود من الاستقلالية ودقة تصل إلى 70 سنتيمتر بالمقارنة مع الساتل الإسباني الذي تصل دقته 25 سنتيمترا بفضل الوحدتين اللتين تعززان دقة صور القمر الاصطناعي الإسباني.

ورغم أن العلاقات الديبلوماسية بين إسبانيا والمغرب تعتبر “ممتازة” من الناحية الرسمية، ويعتبران شركاء وحلفاء في مجالات مكافحة الإرهاب ومراقبة الهجرة غير الشرعية، فإنه يوجد صراع كامن بين الطرفين فيما يتعلق بمدينتي سبتة ومليلية الواقعتين تحت السيادة الإسبانية.

ويجتاز الساتل المغربي شبه الجزيرة في دقيقتين بعلو 650 كيلومترا. ويمكن متابعة مسار الساتل المغربي عبر مواقع الكترونية مثل ny2yo، والتي تمكن الباحثين من معرفة المسارات التي تسلكها الأقمار الاصطناعية انطلاقا من الأرض.

وهذه الأنظمة التي تسمح بإنجاز رصد دقيق في حدود عشرة أيام، مكنت من التحقق من أن الساتل المغربي اجتاز قاعدة تيريخون الجوية في أردوث بتاريخ 17 مارس 2018 في حدود الساعة 23:07. وقد تم التحقق في مناسبات أخرى من دورانه عموديا في منطقة ثاراغوثا، حيث توجد إحدى القواعد التابعة لجيش الجو الإسباني.

وقد أشار قادة عسكريون إسبان إلى أنه عندما أطلق المغرب قمره الاصطناعي التجسسي، فإن تلك الخطوة ستمكنه من تحديد الوحدات البحرية الموجودة في لحظة معينة في قاعدة عسكرية ما، وكذا معرفة نوع الأسلحة التي تحملها، وعدد الطائرات العسكرية الموجودة في أي قاعدة جوية تابعة للجيش الإسباني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *