محمد بن أبي عامر يُسَيِّر جيشًا جرارًا لإنقاذ نسوة ثلاث!

أخبار إسبانيا بالعربي – تولَّى محمد بن أبي عامر حكم الأندلس منذ سنة 366هـ وحتى سنة 392هـ، وقضى هذه المدَّة في جهاد دائم لا ينقطع مع ممالك النصارى

تولَّى محمد بن أبي عامر (الحاجب المنصور) الحكم في الأندلس منذ سنة 366هـ= 976م وحتى وفاته في سنة 392هـ= 1002م)، وقد قضى هذه المدَّة في جهاد دائم لا ينقطع مع ممالك النصارى، وقد غزا في حياته أربعًا وخمسين غزوة، لم يُهزم أبدًا في واحدة منها، بل كان الأغرب من ذلك هو أن يصل في فتوحاته إلى أماكن لم يصل إليها أحد من قبل، بل لم يصل إليها الفاتحون الأوائل؛ مثل: موسى بن نصير وطارق بن زياد، وفي كل هذه الغزوات لم تنكسر له فيها راية، ولا فلَّ له جيش، ولا أُصيب له بعث، ولا هلكت سرية.

فتح الأندلس وبشائر النصر في سرَرِ رمضان

وقد جاء عن الحاجب المنصور في سيرة حروبه أنه سَيَّر جيشًا كاملًا لإنقاذ ثلاث من نساء المسلمين كنَّ أسيرات لدى مملكة نافار؛ ذلك أنه كان بينه وبين مملكة نافار عهد، وكانوا يدفعون له الجزية، وكان من شروط هذا العهد ألاَّ يأسروا أحدًا من المسلمين أو يستبقوهم في بلادهم، فحدث ذات مرَّة أن ذهب رسول من رسل الحاجب المنصور إلى مملكة نافار، وهناك وبعد أن أدَّى الرسالة إلى ملك نافار أقاموا له جولة، وفي أثناء هذه الجولة وجد ثلاث نسوة من نساء المسلمين في إحدى كنائسهم فتعجَّب لوجودهن، وحين سألهن عن ذلك قلن له: إنهن أسيرات في ذلك المكان.

ألقاب الجزائريين الأندلسيين في كتاب د. علي المنتصر الكتاني

وهنا غضب رسول المنصور غضبًا شديدًا، وعاد إلى الحاجب المنصور وأبلغه الأمر، فما كان من المنصور إلاَّ أن سيَّر جيشًا جرارًا لإنقاذ النسوة، وحين وصل الجيش إلى بلاد نافار دُهش ملك نافار، وقال: نحن لا نعلم لماذا جئتم، وقد كانت بيننا وبينكم معاهدة على ألاَّ نتقاتل، ونحن ندفع لكم الجزية.

وبعزَّة نفس في غَيْرِ كبرٍ ردُّوا عليه: إنكم خالفتم عهدكم، واحتجزتم عندكم أسيرات مسلمات. فقالوا: لا نعلم بهن. فذهب الرسول إلى الكنيسة وأخرج النسوة الثلاث، فقال ملك نافار: إن هؤلاء النسوة لا نعرف بهن؛ فقد أسرهن جندي من الجنود وقد تمَّ عقاب هذا الجندي. ثم أرسل برسالة إلى الحاجب المنصور يعتذر فيها اعتذارًا كبيرًا، ويخبره بأنه قد هدم هذه الكنيسة، فعاد الحاجب المنصور إلى بلده ومعه النسوة الثلاث

المصدر:
دكتور راغب السرجاني: قصة الأندلس، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، الطبعة الأولى، 1432هـ=2011م، 1/ 269، 270.

موقع إسبانيا بالعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *