المسلمون في فرنسا بعد معركة بلاط الشهداء في بواتييه

أخبار إسبانيا بالعربي – هل من الممكن ان يكون هناك رابط بين تسمية مونت سيكور montsegur آخر معقل للكاثار في الجنوب الفرنسي، و تسمية سييرا دي سيكورا sierra de segura آخر معقل للموريسكيين في اسبانيا، أم أن الامر مجرد صدفة مع العلم ان كلا من الكلمتين mont الفرنسية و sierra الاسبانية تحيل على اسم الجبل في اللغة العربية … و على كل حال فهذه صدفة سعيدة تعضد ما سبق الاشارة اليه من روابط محتملة … بين الكاثار و أجداد مفترضين من السراسنة او المسلمين الحالين على بلاد الغال من ايام عنبسة و السمح و عبد الرحمن … و بعدهم على عهد امارة جبل القلال ….
و قد سبق الحديث عن اثار طوبونيمية للاستقرار الاسلامي القديم في الجنوب الفرنسي … الا انه و كما سنرى فان هذا الاستقرار … ربما لا يقتصر على بقعة جغرافية محدودة من التراب الفرنسي و انما الى اماكن لم تكن تخطر على بال ..
فهاهو المؤرخ الفرنسي شرف الدين مسلم ( الواضح من اسمه ان له اصولا مغاربية) يحدثنا عن محراب جامع اربونة narbonne القديم المكتشف مؤخرا في رحاب كنيسة سانت روستيك sainte rustique في المدينة نفسها … كما يخبرنا عن الاب الذي اظهر موقعه و كذلك موقع نافورة الوضوء او الميضاة في الوقت ذاته … حيث سنقول ان اربونة هذه تتواجد ايضا في الجنوب … و هي جزء من سبتمانية التي شكلت على مر سنوات الاطراف الشمالية لولاية الاندلس الاسلامية ..

الا أن كوستاف لانيو gustave lagneau يخبرنا ان الاركيولوجي م دو صولسي M de saulcy قد عثر في تنقيبانه بمنطقة اللورين loraine في الشمال الشرقي و بالضبط على مستوى كرانفيي crainviller على مقربة من كونتريكسفيل contrexeville على لوحة مكتوبة بحروف عربية تحمل تحتوي فيما تحتوي على ذكر مكرر للاسم علي … الى جانب جماجم و هياكل عظمية قد تؤشر الى حدوث معارك و حروب ..

و من الاكيد أن اغلب الرواة لتاريخ التوغل الاسلامي في فرنسا يصرون على وصول عنبسة بن سحيم الكلبي إلى بلدة لانكر langres في اللورين و كذلك صانص sens في شمال منطقة برغونية bourgogne لكنهم يصرون كذلك ان هذا التوغل كان قصيرا ما لبث ان تبعه ارتداد الى الجنوب … بل و الى اسبانيا نفسها ..

على ان ما يثير الاهتمام هنا … هو قول مؤرخين فرنسيين من امثال فوديري Faudere و اليزي روكلو Elysee reclus ان بعضا من اولءك المسلمين الذين انسحبوا من معركة بلاط الشهداء في بواتييه poitiers قد استقروا ليس فقط في شبه جزيرة الفيرون le veron عند ملتقى نهري فيينا la vienne و اللوار la loire او في منطقة شاتلو chatelus بجهة الليموزين … بل والى الجنوب من هناك في بلدة فونداي vendays على مقربة من بوردو …

بل و اكثر من هذا … جاء سنة 1866 في مراسلة من الدكتور بوسيير Busiere من شاتلو نفسها الى زميله الدكتور فانسون vincent العالم الانتروبولوجي من منطقة لاكروز la creuse ان احفاد هؤلاء المسلمين السراسنة في جبال مونتموري montmory لا يزالون يتميزون بصفات اجدادهم من قبيل القامات الممدودة و قدودهم الرفيعة و سمرتهم الداكنة و خيالهم المتقد و المتحرك و مزاجهم العصبي ….

بالاضافة الى هذا و في نفس منطقة الليموزين … يتحدث مؤرخون من امثال ادريان بروست Adrien proust و ادولف بلانكي Adolphe blanqui عن فن الزرابي و السجاد في بلدة aubusson … و يؤكدون ان اول من ادخله هناك هم بقايا المسلمين الأوائل الداخلين الى فرنسا … و ما يزيد التاكيد على هذا هو شعار البلدة الذي يتضمن هلالا ابيض على خلفية حمراء

قد يظن العض ان تواجد المسلمين في الجنوب الفرنسي قد انتهي بدخول الملك الافرنجي ببين القصير pepin le bref الى كل من مدينتي اربونة Narbonne و قرقشونة Carcassone سنة 759 للميلاد، غير أن هذا يدحض تلقائيا اذا ما اطلعنا على شهادات مؤرخين فرنسيين من قبيل كوان Goin الذي يتحدث عن دخولهم مونفردان montverdun في منطقة الرون الب Rhone Alpes سنة 780 للميلاد و فيلاي Velay في منطقة الاوفرني Auvergne سنة 790 حسب ايمار Aymard …

هؤلاء المور او المغاربة les maures كانوا قد استقروا بجبال الموريين la Maurienne حوالي سنة 740 للميلاد و استقروا بها الى حدود القرن العاشر… حيث التحق بهم الاندلسيون الذين اسسوا امارة جبل القلال او جبل المور كما يسمى اليوم massif des maures .. و تسلموا من هوك hugues ملك ايطاليا و بربنص roi d italie et de provence … اراضي في تلك الجبال و اخرى في تارونتيز Tarentaise و كذلك فوصيني Faucigny …ليتم اخراجهم منها في القرن الحادي عشر و يستقر البعض منهم في جبل البوج le massif des bauges إلى الجنوب الشرقي من ليون Lyon حسب المؤرخ الفرنسي كاف caffe

إلى هذا فان كوستاف لانيو gustave lagneau يطلعنا على شهاداته سنة 1860 بين قريتي اوشيزي Uchizy و اربيني Arbigny ما بين تورنوس Tournus و ماكون Macon في نفس المنطقة تقريبا ..حيث راى سيدات من حفيدات المسلمين السراسنة كما يقول يتميزن بالشعر الاسود .. الوجوه الطويلة .. دون بروز للوجنتين ..مع سمرة منتظمة ماءلة الى الصفرة … و عيون واسعة … بهدب طويلة و حواجب عريضة و جميلة التقوس … و ملامح منتظمة و قامات ممدودة … مما ذكره بالصفات العربية ..

ثم أن مراجع كثيرة تشير الى التواجد الاسلامي في كل منطقة بربنص provence … على الاقل فيما يتعلق بالغزوات الخاطفة في اومبران Embrun و و كريزيفودان Gresivaudan بل و حتى فج سان برنار الكبيرGrand Saint bernard المؤدي الى سويسرا بل و في سويسرا نفسها في بلدة سانت كالن Saint Gallen الى الجنوب من بحيرة كونستانز المؤدية الى المانيا … ليس هذا فقط بل و في منطقة دوفيني Dauphine …و نظيرتها الايطالية بييمونتي Piemont…. و في زمان سابق شمال لوكسوي Luxeuil و حتى ميتز Metz ….

بين البرج الموريسكي la tour mauresque التي كانت جزءا من قصر اربونة palais de narbonne و هدمت سنة1693 و حتى حصن سارازي fort Sarrazy في براساك Brassac من بلاد الكاثار مرورا بباب المسلمين السراسنة la porte sarrasine بفايونص Fayence في جبل المور massif des maures تبدو تاثيرا المسلمين ظاهرة للعيان ..

لكن ما يقطع الشك باليقين هو الشروم chouroum و هو تلك الحفر العميقة التي انتجتها المياه الجوفية في جبال الالب العليا les hautes alpes في منطقة ديفولي Devoluy و التي احتفظت باسمها العربي الى اليوم ( الا يذكركم هذا الاسم يشرم الشيخ مثلا … و ربما على الاكثر فضولا ان يبحث عن معنى الشروم في احد القواميس العربية) … او ذلك السيل الصغير الذي تعبره الطريق الوطنية المؤدية الى نيونص Nyons في منطقة الدروم Drome فوق طاحونة الفانصوبر le moulin du vinsobre الذي احتفظ باسمه العربي الموية Moie …

في كل هذا السرد للمواقع المرتبطة بالتواجد الاسلامي الموري و السرسني و العربي تتميز بلد مور Maurs في الاوفرنيي Auvergne و التي يرجع اصلها الى اصول اقدم حيث تؤكد المصادر التاريخية انها من تاسيس فرقة للجنود المغاربة من زمن السيطرة الرومانية على الغال.

موقع إسبانيا بالعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *