حفيد أبي عبد الله آخر ملوك غرناطة الذي كاد يصير ملكا لإسبانيا.

أخبار إسبانيا بالعربي – لما غادر الملك أبو عبد الله مملكة غرناطة بعد سقوطها بيد الملكين الكاثوليكيين عام 1492 اتجه إلى المغرب رفقة حاشيته و أبنائه, باستثناء ابنته الوحيدة عائشة التي بقيت في شبه الجزيرة الإيبيرية. فلماذا مكثت و لم تُغادر رفقة والدها و إخواتها؟ و ما قصة ابنها, حفيد أبي عبد الله, الذي كان له شأن في عصره؟ هذه قصة أميرة نصرية لا يعرفها الكثيرون, و نروي هنا قصتها كما ذكرها مغيل قشتليو Miguel Castillo صاحب مدونة الإرث النصري Legado Nazari المهتمة بتاريخ بني نصر و علومهم و فنونهم و أثرهم اليوم.
في إحدى المعارك بين مملكة غرناطة و القشتاليين سقط أبو عبد الله أسيرا عام 1483 بيد الملكين الكاثوليكيين فرناندو و إيزابيلا. مقابل إطلاق سراحه, تعهد أبو عبد الله لهما بقتال والده أبي الحسن و عمه الزغل, اللذان كانا ينافسانه على حكم مملكة غرناطة المُحتضِرَة, و حتى يتأكدا من تنفيذه هذا التعهد الذي سيزيد من اضطرام نار الحرب الأهلية بين الغرناطيين و بالتالي يُضعف المملكة النصرية أكثر, أخذ الملكان الكاثوليكيان أبناء أبي عبد الله من زوجته مُريمة بنت علي العطار رهائن لديهما.

بعد سقوط غرناطة عام 1492, أطلق الملكان الكاثوليكيان سراح الأمراء النصريين الثلاثة: محمد, يوسف و عائشة فعادوا إلى حضن والديهم أبي عبد الله و مُريمة. لكن الأميرة عائشة, المُزدادة عام 1472, كانت قد اعتادت الحياة النصرانية في البلاط القشتالي. و عندما غادر الملك الغرناطي و عائلته و حاشيته غرناطة نحو جبال البشرات ثم نحو المغرب, بقيت الأميرة عائشة في البلاط القشتالي في قصر الحمراء بموافقة الملكين الكاثوليكيين.
في عام 1494, كان سن الملك فرناندو الكاثوليكي 42 عاما بينما كان سن الأميرة عائشة النصرية بنت أبي عبد الله 22 عاما. و لا بد هنا من الحديث عن الجاذبية الجارفة التي كان يتمتع بها الملك الأراغوني و التي جعلت له عشيقات كثيرات, كألدونزا رويغ دي إيبارا Aldonza Roig de Ibarra, خوانا نيكولاو Juana Nicolau, تودا دي لاريا Toda de larrea. لكن أرقى عشيقته و أكثرهن ملوكية كانت عائشة بنت نصر, ابنة آخر ملوك الأندلس.
اعتنقت عائشة بنت نصر الكاثوليكية و تغير اسمها إلى صور إزابيل دي غرناطة Sor Isabel De Granada ثم اعتكفت في أحد الأديرة حتى وفاتها يوم 11 يناير 1560 عن عمر ناهز 88 عاما. و قد أنجبت عام 1495 من علاقتها بالملك فرناندو الكاثوليكي ابنها مكيل فرنانديث كاباييرو الغرناطي Miguel Fernandez Caballero de Granada . و فرنانديث  Fernandez تعني ابن فرناندو

arbol

لما رأى النور, وجد مغيل والدته عائشة أو إيزابيل قد اختارت حياة الاعتكاف في الدير, أما والده فرناندو الكاثوليكي فحاول إخفاء أمره مخافة إثارة غضب زوجته الملكة إيزابيلا الكاثوليكية, فأبعده عن البلاط القشتالي و أوكل أمر تربيته لإحدى أعرق و أهم العائلات القشتالية عائلة ماركيز بيغو Marqueses de Priego.
كان ماركيز بيغو بيدرو فرنانديث القرطبي Pedro Fernandez de Cordoba و زوجته إلبيرة إنركيث دي لونا Elvira Enriquez De Luna يحظيان بثقة الملك فرناندو و قد تكفلا بتربية مكيل تربية أنيقة لا تختلف عن تربية الأبناء الشرعيين. لكن مكيل فرنانديث كاباييرو لن يتولى أي منصب رفيع  في إسبانيا بسبب أصله الغير شرعي و جذوره المسلمة. مع ذلك رفَّعه والده فرناندو الأراغوني إلى درجة فارس و منحه اللقب الفخري أمير مملكة غرناطة الجديدة و التي تعرف اليوم بكولمبيا  في أمريكا الجنوبية

في عام 1519, و بتوصية من أسقف قرطبة ألفونسو مانريكي دي لارا Alfonso Manrique de Lara انتقل مغيل فرنانديث ابن الأميرة النصرية عائشة إلى فرنسا حيث تم تعيينه أمينا لمكتبة الملك الفرنسي فرنسوا الأول. في باريس, ربط مغيل علاقة صداقة مع فرنسيزو ميلزي Franceso Melzi سكرتير العلامة الفلورنسي المتعدد المواهب ليوناردو دا فينشي. هكذا, و بعد وفاة دا فينشي في نفس العام 1519, انتقل مغيل رفقة فرنسيزو إلى منزله في ميلانو الإيطالية حيث ساعده طيلة أشهر في ترتيب و تنظيم مخطوطات العلامة دافنشي.
في العام الموالي, أي 1520, عُينَ واحدا من مستشاري الفيلسوف الإيطالي نيكولو مكيافيلي, و قد رجح بعض المؤرخين أن يكون مغيل هو من روى الأحداث و التواريخ التي جعلت من مكيافيلي يستلهم من فرناندو الكاثوليكي شخصية كتابه الشهير “الأمير”

في عام 1522 سافر إلى هنغاريا حيث مثَّل الامبراطور الإسباني شارل الخامس في حفل زفاف شقيقة الامبراطور مارية الهابسبورغية من لويس الثاني الهنغاري. و قد بلغ مساره كمفكر ذروته في الثلاثين من غشت من نفس العام بتعيينه سكرتيرا لأدريان الأوتريختي الذي سيصبح ابتداءا من عام 1522 بابا روما تحت اسم أدريان السادس حتى وفاته يوم 14 شتنبر 1523.
عاد إلى هنغاريا مرة أخرى حيث عُينَ مستشارا للملك و شارك في المعارك التي خاضتها القوات الهنغارية ضد القوات العثمانية بقيادة سليمان القانوني حيث كان قائد قوات مؤخرة الجيش.
في النهاية, عاد إلى بييغو دي قرطبة Priego de Cordoba  البلدة التي ترعرع فيها و تزوج هناك يوم 27 نونبر 1528 من أنخيلا إنركيث دي قرطبة Angela Fernandez Enriquez de Cordoba ابنة الماركيز الذي رباه في صغره, و قد أنجبا ولدا حمل اسم خوان فرنانديث كابييرو, و بهذا استمر نسل بني نصر في إسبانيا.
استقر مغيل في بييغو دي قرطبة إلى أن توفي عام 1575 عن عمر قارب 80 عاما.

descendientes%2Bde%2Bboabdil

و من خلال شجرة أحفاد أبي عبد الله من ابنته عائشة نجد أن أغلبهم يستقرون في المكسيك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *