ثقافة

قراءة في كتاب «عندما كنا عرباً» للكاتب الإسباني إميليو غونثاليث فيرين

أخبار إسبانيا بالعربي/ ليس هذا الكتاب (الصحوة: النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية) مجرد سيرة ذاتية ساحرة لشخص مثير للجدل جداً، بل هو كتاب يتجرأ على مواجهة أكثر القضايا تحدياً في العصر الحديث بأمانة فائقة.

ليس كتاب ديفيد ديوك (الصحوة) لضعاف القلوب، أو لأولئك المعتدّين بنظم معتقداتهم، بل لأولئك الذين لا يخشون من أن تحفزهم الحقائق والأفكار التي ربما تضع المعتقدات الراسخة موضع تساؤل. إنه كتاب ثوري تطوري ربما (يهز الحضارة من الأعماق) كما يقول غليد ويتني (Glade Whitney) العالم البارز في علم الوراثة السلوكي. يكرس ديفيد ديوك معظم كتابه لوجهة نظره في الأعراق وتضميناتها المجتمعية والتطورية، ولكنه حكاية مثيرة لرجل عرف بوصفه صورة كاريكاتورية رسمتها له وسائل الإعلام المعادية.

شهد البيت العربي في مدريد فعالية أقيمت في صالة السفراء لمناقشة وتوقيع كتاب أثار جدلا واسعا في الأوساط الإسبانية، وهو الكتاب الأخير الذي ألفه الباحث الإسباني إميليو غونثاليث فيرين بعنوان «عندما كنا عرباً».

وشارك في الفعالية كل من مدير البيت العربي في مدريد بيدرو مارتينيث أفيال، بالإضافة إلى عميد المستعربين السيد بيدرو مارتينيث مونتابث، والباحثة الإسبانية في الأدب العربي الأندلسي الدكتورة لينور مورينو، مع وجود عدد من أساتذة الجامعات في مدريد ورئيسي جامعة غرناطة وجامعة إشبيلية، وعدد كبير من المستعربين الإسبان، وطلاب علوم التاريخ الإسباني، وعدد كبير من العرب المقيمين في مدريد ومنهم الدكتور الفلسطيني محمود صبح، والأستاذ عبدو التونسي، وعدد من الصحافيين الإسبان والعرب.

بالصور.. أجمل 10 معالم أثرية تركها المسلمون في إسبانيا

إغناء حالة الحوار والجدل

بدأت الفعالية بكلمة لمدير البيت العربي قال في بدايتها بأننا كإسبان في هذا العصر، وبعد البحوث التاريخية الجديدة وبعد مرحلة الحرية الفكرية التي نعيشها، نفتخر بأصولنا العربية وبهذه الثقافة التي كان لها الدور الأكبر في بناء الشخصية الإسبانية والعالمية الحديثة، ونحاول في البيت العربي استضافة أية فعالية تصب في مجال البحث التاريخي المنهجي العلمي، وأن نكون منفتحين على النقاش والآراء المختلفة التي كلها في النهاية تغني حالة الحوار التي تصنع التعايش الحقيقي بين شعوب الأرض.

ورحّب بالدكتور الضيف مؤلف الكتاب الذي يحمل عنوانا صادما وهاما ومثيرا للجدل، وحاول تقديم إضاءة على سيرة الدكتور إميليو غونثاليث فيرين، فهو دكتور وأستاذ محاضر حاليا في الفكر العربي والإسلامي في جامعة إشبيلية، كما أنه يشغل منصب رئيس قسم اللغات الحديثة فيها، ومنصب رئيس مرصد البحر الأبيض المتوسط، وله خبرة ومعرفة حقيقية عميقة بالمجتمع والثقافة العربية الحديثة عن قرب، إذ إنه عمل أستاذاً زائراً في جامعات القاهرة وعمّان ودمشق، وذلك للبحث والتأكد من الفكر الذي تبناه والذي يعود إلى فكر المؤرخ الإسباني المعروف إغناسيو أولاغوي.

وأضاف أن الدكتور إميليو كان قد ألف كتاب «تاريخ الأندلس العام» (2006) وكتاب «الكلمة المنزلة: مدخل في القرآن» (2002)، وهو الكتاب الذي حصل على جائزة خوفيانوس للمقالة عام 2002، بالإضافة إلى كتب ومقالات عديدة. كما اهتم بتاريخ الشطرنج وسعى دائما إلى تحقيق هاجسه الدائم في إحياء عملية الحوار العربي الأوروبي.

نفي فكرة الاستعمار أو الغزو العربي للأندلس

بعد كلمة مدير البيت العربي في مدريد، تكلم عميد المستعربين الإسبان الدكتور بيدرو مارتينيث مونتابث، فأشار إلى أن ما يقدمه الدكتور إميليو قريب جدا مما قدمه ودافع عنه المؤرخ إغناسيو أولاغوي، صاحب الكتاب الذي غير الكثير من المفاهيم التاريخية والذي حمل عنوانه الشهير «العرب لم يغزوا الأندلس».

وقال إن إميليو تسكنه رغبة المعرفة والسعي لإيجاد وإثبات الحقائق التاريخية، وهي رغبة محقة لكشف الكثير من الوقائع التي حاولت الحكومات الكاثوليكية في إسبانيا حذفها وإخفاءها. وأكد أن هذا الشغف بالبحث عن الحقيقة جعله يتوسع ويتعمق في أطروحة أولاغوي وفي فكرة أمريكو كاسترو، وجعله يصل إلى نتيجة تاريخية مغايرة لكل التاريخ الذي تعلمناه والذي علمناه لأولادنا لمدة ثمانمئة عام.

وتابع مونتابث: إن هذا الكتاب الذين بين أيدينا اليوم هو استمرار لجهود الدكتور إميليو، الذي كان قد شرح في مقالات سابقة بعضا من فصوله مفصلا نظريته التي مفادها أنه لم يحصل غزو إسلامي لشبه الجزيرة الإيبيرية أو الإسبانية بالمعنى الحقيقي والدقيق للكلمة، وذلك بالطبع معاكس تماما لكل ما تقوله الرواية التاريخية التقليدية، أي أنه في 711م لم يحصل احتلال حقيقي مباغت عربي إسلامي لإسبانيا، ويدعم رأيه هذا بأنه لم يدون بعد تلك الفترة مباشرة لا القرآن ولا الحديث الشريف، وأن تدوين القرآن واستعمال اللغة العربية تأخرا ما يزيد على مئة سنة أي فترة قرن كامل من الزمن حتى استطاعت أن تتحول اللغة العربية إلى لغة عالمية.

وهذا يناقض فكرة الدخول المباشر كمحتلين أو كغزاة، ويثبت أن من دخلوا إيبيريا بين 711-756، حسب تقصيات واستنتاج المؤرخ والباحث الدكتور إميليو، لم يكونوا يتكلمون العربية ولا يؤمنون بالإسلام، أي أنه يفسر ما جرى في تلك الفترة الزمنية تحديدا بأن كان مجرد حرب أهلية قسمت شبه الجزيرة الإيبيرية، كما أن من دخلوها لم يكونوا من البربر أيضا، وإنما كانوا حسب نظريته المدعمة بشواهد تاريخية، مجرد قوات مرتزقة من شمال أفريقيا وهم جزء من قبائل القوط الغربيين ومن البيزنطيين ومن قبائل الفاندال ومن غيرهم أيضا، وأن الذين كانوا يتقاتلون ويتنازعون هم الملوك القوط الغربيين فيما بينهم.

تابعو آخر أخبار إسبانيا على جوجل أخبار

المصدر: الإتحاد/ إسبانيا بالعربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *