كيف تفاعل السوريون في ألمانيا مع الزلزال المدمر؟
اخبارإسبانيا بالعربي/ لليوم الرابع على التوالي تكافح فرق الإنقاذ لمساعدة منكوبي الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، في هذه الأثناء سارع سوريون في برلين ومدن ألمانية أخرى إلى جمع التبرعات للمحتاجين وسط تضامن واسع من مواطنين عرب وألمان.
لم تكن صدمة كريم سليمان مألوفة، فقد شاء القدر أن تقع أسرته بين فكي الزلزال في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا. استيقظ كريم الذي يعيش منذ سنوات في ألمانيا من نومه على وابل مرعب من الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية التي جاءت من أصدقائه: “الجميع كان يسأل ماذا يحدث هناك؟ وعندما اتصلت بعائلتي ولم يرد أحد في ذلك الوقت أصبت بالذعر”.
“كنت أقرأ الأخبار ولا أعرف مصير أهلي، هنا “شعور العجز كاد يقتلني”، يقول كريم سليمان، استغرق الأمر أكثر من 7 ساعات حتى وصلته أخبار عن أسرته، إذ تعيش والدته وثلاثة من أشقائه مع أطفالهم في منطقة اسكندرون التي ضربها الزلزال جنوب غرب تركيا، فيما طال الزلزال شقيقه الرابع بمدينة حلفايا القريبة من حماه.
اطمأن سليمان، على أسرته التي نجت بأعجوبة في اسكندرون وحماه، في الوقت الذي فقد عددا من أبناء عمومته تحت الأنقاض في سوريا. يقول إن أفراد أسرته لايزالون في الشارع خوفا من أي انهيارات أخرى، حيث يقضون ليلهم بين السيارات ويشغلون النار للتدفئة.
هنا شكل كريم مع أصدقائه غرفة عمليات مصغرة تعمل من جهة على مساعدة عالقين في سوريا وتركيا لإ يصالهم بفرق الإنقاذ بهدف إيجاد مأوى لهم، ومن جهة أخرى تجمع المساعدات هنا في برلين لإرسالها إلى المنكوبين هناك عن طريق منظمات موثوقة.
على غرار كريم، فقدت سارة الشابة العشرينية، خالها بعد انتشال جثته من تحت انقاض منزله في مدينة أنطاكيا التركية، فيما أنقذت العناية الأهلية جدها وشقيقتيها في اللاذقية السورية، “كنا نعتقد أنها هزة عادية لكن الوضع كان كارثيا دون أن ندري”، تحكي سارة بينما تعمل على تجهيز وتحضير المساعدات في المركز الألماني العربي/ DAZ الذي وجه الثلاثاء، نداء استغاثة للعرب في ألمانيا لجمع التبرعات لإرسالها إلى المنكوبين في الشمال السوري.
لم تستطع سارة الذهاب إلى المدرسة، وعندما علمت بالنداء هرعت وزميلاتها للمساعدة بمقر المركز بحي نويكولن في العاصمة الألمانية برلين، إذ يعملن على فرز المساعدات وتقسيمها وتعبئتها والتدوين عليها سواء للأطفال أو الرجال.
بعد “رحلة الموت”، “ملجأ بريانسون” يوفر ملاذا للمهاجرين
الجميع يريد المساعدة
اصطف عشرات السوريين والعرب بسياراتهم التي أتت بالأغطية والألبسة والإسعافات الأولية إلى المركز الألماني العربي، حيث تعمل عدد من منظمات المجتمع المدني العربية في ألمانيا بالتعاون مع فريق المتطوعون السوريون في ألمانيا/ SFD والمنظمة الدولية لحقوق الإنسان وشؤون اللاجئين IOHR، على جمع المساعدات تمهيدا لإرسالها إلى الشمال الغربي السوري.
لم يتمكن الشاب السوري خالد وزوجته من تسليم ما أحضراه من أغطية رأس وجوارب للأطفال لاكتفاء المركز بما تلقاه من مساعدات، “ذهبنا إلى مستودعين لتسليم تلك المساعدات لكن الجميع اكتفى”. رغم سعادتهم بروح التضامن التي وجدها في كل مكان يذهب إليه، يقول خالد الذي لجأ إلى ألمانيا بعد إصابة خلال الحرب أقعدته 3 سنوات مضيفا: “ما شعرت بالعجز مثل هذه المرة.. إذ لا يمكننا التواجد هناك ولا المساعدة.. لهذا لن استسلم حتى أوصل تلك المساعدات الرمزية إلى هناك”.
يقول الأمين العام للمنظمة العراقية لحقوق الإنسان في برلين، هشام عبيد، إننا “قررنا جمع المساعدات على يومين لكن الكميات التي أتت إلينا يوم الأربعاء فاقت طاقتنا”. يضيف عبيد لـ DW عربية: “الأمر ليس مقتصرا على برلين فقط، هناك فريق متطوعين يجمع تبرعات من مناطق شمال وغرب الراين”،
كما يقول أن “الجميع يريد المساعدة من جميع الجنسيات العربية تقريبا، فلسطين ولبنان وسوريا والعراق ومصر سواء عن طريق تقديم الأغراض أو تحضيرها للنقل”، يقول عبيد. تخطط المبادرة إلى جمع 20 إلى 30 طنا من ملابس وأحذية ومستلزمات للأطفال وأخرى طبية وكراسي متحركة لذوي الاحتياجات الخاصة، لشحنها إلى منكوبي الزلزال في شمال سوريا وجنوب تركيا بالتنسيق مع المنظمة الدولية لحقوق الإنسان.
التبرعات إلى أين؟
ورغم روح التضامن التي طغت على المركز إلا أن النقاش حول كيفية وأولوية إيصال المساعدات إلى مستحقيها كان مثار تساؤل من بعض المتطوعين والقائمين على جمع التبرعات. يقول كريم سليمان: ” الشمال السوري بأرياف حلب وإدلب التي تسيطر عليها المعارضة لم يصل إليها أي مساعدات بعد ولا تزال عوائل كاملة تحت الأنقاض، وهناك تحاول فرق الدفاع المدني المساعدة لكنها تقف عاجزة بمعدات بسيطة أمام هول الكارثة”.
خمسة أسباب تجعلك تشعر بالبرودة مع تقدم العمر.. كيف تقاومها؟
“الناس في الشمال السوري وضعها مأساوي ومحرومون من أي مقومات للحياة منذ 12 عاما بسبب الحرب، حتى أتى الزلزال على ما تبقى منها”. وزاد الطين بلة التغيير الديمغرافي الذي حدث في السنوات الأخيرة من خلال نزوح الآلاف وتجمعهم في تلك المناطق التي ضربها الزلزال، “وجود هذا العدد من الناس في تلك المنطقة المحدودة بأبنية متصدعة بفعل القصف والحرب، جعل وقع الكارثة أكبر هناك”، يقول سليمان.
وبحسب الخوذ البيضاء (متطوعو الدفاع المدني) في مناطق خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة بلغت حصيلة القتلى في شمال غرب سوريا 1780 شخصا، وأكثر من 2900 مصاب حتى الآن. ويتوقع أن يرتفع عدد القتلى بشكل كبير إذ ما زال مئات الأشخاص عالقين تحت الأنقاض. وبحسب وكالة رويترز، اتجهت صباح الخميس الخميس أول قافلة مساعدات في طريقها إلى الشمال السوري عبر الحدود التركية.
بدوره يقول أمين المنظمة العراقية لحقوق الإنسان، “نحن نبحث مع الحكومة الألمانية للسماح بهبوط طائرة من سوريا غدا الجمعة لنقل تلك المساعدات إلى شمال سوريا تحت إشراف منظمة شؤون اللاجئين (IOHR)، أما الحل الآخر فهو إرسالها إلى العراق ومن هناك عبر الطريق البري إلى سوريا”. ويشدد عبيد على طمأنة بعض الحضور الذي تشكك في إمكانية إيصال المساعدات: “سنبذل ما في وسعنا لإيصالها إلى مستحقيها”.
بعد الانتهاء من جمع المساعدات، ذهب كريم وسارة للمشاركة في وقفة بالورود والشموع دعا لها عدد من النشطاء السوريين في وسط العاصمة الألمانية برلين، تضامناً مع ضحايا الزلزال في كافة المناطق المتضررة في سوريا وتركيا. تقول وفاء مصطفى من حماه السورية إحدى المنظمات لـ DW عربية”: “من مكاننا البعيد هنا هذا أقل شيء ممكن أن نقدمه.. هذه فرصة لكي يتضامن الأتراك والسوريين والأكراد ويعيشون هذه اللحظات الصعبة معا”.
فرنسا: توقيف شبكة إجرامية تستغل المهاجرين بعمليات بيع المخدرات
حضّر العشرات من العرب والأجانب للوقفة مساء الأربعاء في أورانين بلاتز- برلين بينهم ريبيكا وطفلتها، الألمانية التي علمت بالوقفة من إنستغرام. تقول لـDW عربية: “طفلتي لديها كثير من زملائها الأتراك في المدرسة تضررت أسرهم بالزلزال.. ذهبنا إلى المنزل وأحضرنا بعض الشموع لإضاءتها هنا”. وتضيف بتأثر: “كأم شعرت بالهلع عندما رأيت صور الأطفال تحت الأنقاض.. هذا مشهد مفجع”. وكانت الفرنسية جايدا رينو أيضا عائدة من عملها، قبل أن تتوقف للتضامن مع الضحايا. فيما طالبت ناتيا، من هامبورغ، التي أتت رفقة أصدقائها للوقفة، الحكومة الألمانية بفعل المزيد لإرسال الدعم إلى الضحايا.
بهذا الخصوص نقلت وسائل الإعلام معلومات عن صعوبة إيصال المساعدات وأن الحكومة الألمانية تبذل الجهود لتذليلها. وبصرحت الخارجية الألمانية لـ DW أن “الوضع الكارثي في المنطقة المنكوبة (بسوريا) يُستغل سياسيا وهو أمر يحتوي على قدر من السخرية”، وأضافت الخارجية أن “العقوبات المفروضة من الأمم المتحدة تستهدف النظام السوري. وهي مفروضة فقط على مواد بعينها ليس من ضمنها المساعدات الإنسانية. لا بل حتى المعدات الثقيلة يمكن إدخالها. في الوقت نفسه، يخفض مستوى التواصل مع النظام السوري إلى الحد الأدنى. وتستمر المساعي في شأن قرار عبور الحدود”.
في هذه الأثناء يأمل كريم سليمان وغيره من السوريين، أن تنجح الجهات المعنية في مهمتها وتتعاون جميع الأطراف سواء من حكومة الأسد أو المعارضة أو الأطراف الفاعلة لإيصال تلك المساعدات في أسرع وقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
المصدر: مهاجر نيوز/ موقع إسبانيا بالعربي