كريستوفر كولومبوس وخروج المسلمين من الأندلس.. هل هناك من علاقة؟

تمر الآن الذكرى الـ528، على مغادرة المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبوس من العالم الجديد (أمريكا) إلى إسبانيا وذلك بعد إكماله لأول رحلاته الاستكشافية، حيث كان عبر المحيط الأطلسى ووصل إلى الجزر الكاريبية فى 12 أكتوبر 1492م لكن اكتشافه لأرض القارة الأمريكية الشمالية كان في رحلته الثانية عام 1498م.

 في 30 أبريل 1492م وقع الملكان الكاثوليكيان الإسبانين، (فرناندو الثاني ملك أراغون وإيزابيلا الأولى ملكة قشتالة) مع كريستوفر اتفاقية جاء فيها أن كولومبوس “كمكتشف للجزر والقارات في البحر والمحيط” وانطلاقا مما سبق سيمنح رتبة أمير البحار والمحيطات كقرار ملكي يسري فى جميع أنحاء البلاد، ويضاف إلى ذلك أنه سيمنح 10% من الذهب والبضائع التى سيحضرها معه بدون أية ضرائب.

 كولومبوس كان قد بدأ رحلته إلى العالم الجديد، في نفس العام الذى كتبت فيه نهاية الحضارة الإسلامية في الأندلس، بعدما هزم فرناندو وإيزابيلا، المسلمين وأخرجوهم من آخر معقل لهم “غرناطة”بعد حوالي أربعة قرون من حروب شنتها ممالك الشمال المسيحية على الثغور الأندلسية فيما سُمى بحروب الاسترداد، فهل كان لبدء رحلة “كريستوفر” علاقة بنهاية دولة المسلمين هناك؟

 تقول كارول ديليني فى كتابها كولومبوس والبحث عن أورشليم أن كولومبوس كان يحمل الاعتقاد السائد في وقتها لدى بعض النصارى واليهود، وهو الاعتقاد بقرب حلول نهاية العالم الألفية، ومن هنا تنطلق لتثبت رأيها بأن هدفه لم يكن الثروة في حد ذاتها، وإنما من أجل تنفيذ المعتقد الديني، أي الاستعداد للألفية الحتمية، ليوم القيامة، لاسترجاع أورشليم، ومطاردة المسلمين بكل مكان بالمعمورة وغيرهم.

المؤلفة ترى التدين والعصبية الدينية فى كل تصرفات كولومبوس وخططه ودوافعه. الهدف هو الاستعداد لنهاية العالم. لذا نراها تعرض حسابات كولومبوس الرياضية التى حاول من خلالها تحديد موعد القيامة.

 يقول ليون فيرنيل بروفيسور في جامعة هارفرد: “إن كريستوفر كولومبس كان واعيا الوعي الكامل بالوجود الإسلامي في أمريكا قبل مجيئه إليها”. 

في كتابه “قصة أمريكا” أورد المؤرخ باري نيل الكثير من الأدلة (بلغت 565 تسجيلا) تشير لتواجد المسلمين في أجزاء من أمريكا، ومن بين هذه الأدلة خرائط وآثار وأسماء عربية مثل مكة (اسم لقبيلة هندية)، ومنى وأحمد ومحمد والمرابطين، إضافة إلى كثير من العادات والتقاليد التي تؤكّد وجود اتصال بين هنود أمريكا والمسلمين العرب.

 والمستشرق الإنجليزي دي لاسى أورد فى كتابه “الفكر العربي ومكانه في تاريخ الغرب”، حيث ذكر الرحلات التى قام بها المسلمون في عام 1312م، وهي روايات صحيحة مقارنة بما كان عند المسلمين في تلك الفترة من خبرة واسعة فى الملاحة البحرية، وأكّد أنه لا يوجد شك من وصولهم فى أمريكا قبل كولومبس.

 التراث الأندلسي حافل بالأدلة بأن الأمريكتين كانت أرضا معروفة لدى العرب والمسلمين والبحارة. رسم المسعودي في خرائطه مناطق فى المحيط الأطلسي (غرب القارة الإفريقية والأوروبية) سماها الأرض المجهولة، بل إن العلماء المسلمين كانوا يعرفون المسافة بالضبط بينها وبين الأندلس كما بين الكوفة والمغرب وهي مسافة دقيقة وعجيبة.

 وفي كتاب (أحوال التربية الإسلامية فى أمريكا) ذكر الدكتور كمال النمر أن بعض البحارة المسلمين انطلقوا من الأندلس (عام 1150م) واستقروا على شواطئ ما يعرف الآن بـ «البرازيل»، كما وجدت في اسبانيا تقارير تعود لعام 1790 عن مسلمين هاجروا من اسبانيا – زمن الاضطهاد – واستوطنوا جنوب كاليفورنيا وفلوريدا.

المصدر: اليوم السابع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *