متفرقات

”هنا تعلمت الكتابة“.. أهالي الأطفال المهاجرين يستطيعون الذهاب إلى المدرسة أيضا

اخبار إسبانيا بالعربي / المشاركة في اجتماعات أولياء الأمور مع المعلمين، ومساعدة الأبناء في واجبهم المدرسي وغيرها من الأمور، ليست في استطاعة كثير من المهاجرين الذين لديهم أطفال، ويعانون من صعوبات في اللغة الفرنسية. لتجاوز ما يواجههم، وفرت أكثر من 400 مؤسسة تعليمية في فرنسا (مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية) دورات لغة لجميع المستويات، مكرسة لأولياء أمور الطلاب، ضمن برنامج ”فتح المدرسة للآباء والأمهات لنجاج الأطفال“ (OEPRE). تقرير في مدرسة في الدائرة الـ20 في باريس.

”من يريد عبوة فحص ذاتي؟“ يسأل المدرس أنتوني زوماغليني (Anthony Zumaglini) وهو يضع بعض الأكياس البلاستيكية بداخلها عبوات الفحص الذاتي لفيروس كورونا على طاولة مستديرة. ”أمل لديك ما يكفي للأطفال؟” تومئ أمل بنعم وهي تضع كيسا في حقيبتها. لم تأت هي وزملاؤها إلى هذا الصف في مدرسة “لو فو” (Le Vau) في الدائرة الـ20 في باريس، للحديث عن الأزمة الصحية، لكن للتعلم.

يستعلم المعلمان أنتوني وسارة عن أحوال الجميع قبل البدء بالدرس، إذ إن برنامج ”فتح المدرسة للآباء والأمهات لنجاح الأطفال (OEPRE)“ يسعى إلى خلق روابط إلى جانب التعليم. وفق المدرسان.

الاثنين والخميس من كل أسبوع، يجتمع نحو 15 شخصا في الصف المدرسي للمشاركة في برنامج ”فتح المدرسة للآباء والأمهات لنجاح الأطفال (OEPRE)“. الذي تؤمنة 400 مدرسة في فرنسا (مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية). ويتيح لآباء وأمهات الطلاب تعلّم اللغة الفرنسية أو تعزيز فهمهم لها.

إسبانيا تُنهي عام 2021 بأعلى نسبة لخلق الوظائف منذ 17 عاما: 840600 فرصة عمل جديدة

يوضح المعلم أنتوني، المدرس في دورات محو الأمية منذ عام 2004، قائلا ”نعلم أن هناك أطفال لا يتحدث آباؤهم وأمهاتهم اللغة الفرنسية، وهم في الغالب يعانون صعوبات أكثر من زملائهم. من خلال برنامج (OEPRE) يصبح في إمكان الآباء والأمهات حضور الاجتماعات مع المدرسين والتواصل معهم على نحو أفضل، إضافة إلى فهم نظام التعليم الفرنسي أكثر، وتعزيز القدرة على مساعدة أطفالهم في واجباتهم المدرسية، وتحقيق الغاية الأساسية من البرنامج وهي نجاح الطلاب“.

”حتى الأبجدية، صعبة

يُخرج يوسف (10 أعوام) دفتره بينما تُخرج أمه أمل دفترها هي الأخرى، حصة الدرس هذا الخميس تجمع الأم وابنها، لكن لكل منهما واجب مدرسي مختلف عن الآخر. وصلت أمل (32 عاما) إلى فرنسا في عام 2019. لم تكن هذه الأم المصرية تعرف حينها أي كلمة فرنسية. حصلت بعدها على دبلوم الدراسة باللغة الفرنسية (DELF) مستوى A2. وتحضّر اليوم لامتحان DELF مستوى ثاني B2. فهو ضمن شروط التقدم بطلب الجنسية الفرنسية.

إلى جانبها تجلس روز، وهي كانت معلمة رياضيات في سوريا. جاءت روز إلى فرنسا عام 2016. وهي الآن منغمسة في حل تمرين وضعه أنتوتي.

ترفع زميلتها نظارتها ذات الإطار الذهبي عن أنفها، تقرأ الأم لثلاثة أطفال التمرين نفسه بصمت. وتضع مع مرور الوقت خطوطا تحت الكلمات، وتحيطها أحيانا بدوائر.

إسبانيا: أحكام قضائية جديدة تفرض على الحكومة تسهيل تسوية أوضاع المهاجرين بلا وثائق

صوت أومو (42 عاما) يكسر رتابة الصمت قليلا. تنطق على نحو هادئ وسلس ”سلطة طماطم“ ”هل لديك دراجة نارية“. أومونو في الأصل من منطقة كاياس (Kayes) غرب مالي. لم تذهب في حياتها إلى المدرسة ولم تدرس اللغة الفرنسية. لكن بعد وصولها إلى فرنسا بأعوام، أي في 2001، بدأت تتعلم. سجلت في دورات برنامج ”OEPRE“ في منطقة أنتوني القريبة من باريس، لفهم كل ما يحصل أثناء اجتماعات الأهالي مع المعلمين. تقول ”هنا تعلمت الكتابة، في مدرسة أطفالي. كان الأمر صعبا في البداية. بالنسبة إلى أشخاص مثل أمل وروز يبدو الأمر أسهل، هما تلقيتا تعليما مدرسيا، لكنني بدأت من الصفر، حتى الأبجدية كانت معقدة بالنسبة إلي“.

ترفع أومو رأسها باتجاه اللوح الأبيض مجيبة “ذهب برونو إلى السوق”. يجيبها المدرّس ”ممتاز يمكنك الكتابة الآن“. فتحت أومو دفترا كبيرا، في صفحاته جمل، رسم كل حرف من كلماتها بعناية. تتابع اجتهادها اليوم كما في الدروس الماضية. لا يعيقها صوت أساورها الملفوفة حول يديها، وهي تطرق على الطاولة ريثما تنتهي من الكتابة. يتجه أنتوني نحو أمل وروز ”أين نحن؟ يبدو لي هذا جيد جدا“.

”ما الذي تعنيه كلمه هذا؟“

ضحك مسموع قادم من الطرف الآخر للجدار، في الصف المجاور حيث تجلس المعلمة سارة قبالة رامي* وفايزة*. كانوا يستمعون إلى مقطع صوتي انتهى للتو، تقول سارة ”هيا، سنستمع مرة أخرى“. تعيد المدرّسة المقطع الصوتي، يستمع طالباها بانتباه. موضوع تمرين الاستيعاب السمعي هو ”التعارف والمطلوب؟” تستأنف سارة ”وضع خط تحت الجمل التي تستمعون إليها“.

يسأل رامي بالإنكليزية ما الذي تعنيه كلمة ”Voici“، فتجيبه بالإنكليزية ”فوا سي Voici“ تعني ”هذا“. يبتسم ابتسامة عريضة عقب الإجابة. ترك رامي (42 عاما) بلاده عام 2020 بسبب ”مشاكل سياسية“ عانى منها أثناء عمله في إحدى الصحف، في قسم الدعاية والإعلان.

للمزيد>>> إيواء المهاجرين القاصرين في شمال فرنسا: تحدٍ يومي دون حلول واضحة

تضيف زوجته فايزة ”خرجنا أيضا لنوفر فرصة حياة أفضل لأطفالنا. يجب دفع مبالغ كبيرة لتأمين الأطفال في مدارس أفضل في مصر. لكن هنا في فرنسا الأمر أسهل“. لكن سرعان ما تفقد ابتسامتها وتكمل أن الحياة اليومية ”صعبة جدا“.

إنها السابعة مساء، وقت نهاية الدرس. طوى رامي وفايزة الأوراق التي وزعتها سارة بسرعة. فعليهما الانضمام إلى أطفالهما الثلاثة في غرفة فندق أمنتها ”مساكن الطوارئ“ (115) كحال المكثير من طلاب سارة وأنتوني. تتنهد فايزة وهي تنظر إلى زوجها قائلة “لا يزال يتعين علينا حزم وتغيير مكاننا” الأسبوع المقبل. لكن الأكيد أنهما لن يتغيبا عن دروس اللغة الفرنسية يومي الاثنين والخميس المقبلين.

يلزم معيار واحد فقط للاستفادة من برنامج OEPRE، أن تكون/ي أحد الوالدين. وليس ملزماً أخذ دروس في المدرسة التي يرتادها أطفالك. يجب التحقق مع البلدية التي تسكن ضمن منطقتها أو الأقرب إليك.

رامي* وفايزة* أسماء مستعارة.

المصدر:مهاجر نيوز /موقع إسبانيا بالعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *